الإسراف في المشاعر هي من الصفات التي نهت عنها الشريعة الإسلامية بجميع وجوهها، سواء كان ذلك من ناحية الطعام أو الشراب أو من ناحية اللباس، فقد نهت الشريعة الإسلامية عن الإسراف بجميع وجوهه، وقد تبت عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام عن الإسراف في المشاعر حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما” صدق الرسول الكريم.
قصة فرح وصديقتها عن الإسراف في المشاعر
فرح فتاة في الصف السابع وكانت لديها صديقتها المفضلة سندس، لقد عادت فرح من المدرسة وهي تبكي بكاءً شديداً، لقد حاولت أن تخفي دموعها عن والدتها وأخواتها، لكن أمها لاحظت أن عيون فرح وكأن لونها قد تغير نتيجة بكائها الشديد مع أن فرح حاولت إخفاء دموعها لكي لا يراها أحد.
الأم تركتها حتى دخلت غرفتها ولحقت بابنتها، سالتها والدتها: ما بالك يا فرح؟ لماذا تبكين؟ أهناك ما يزعجك؟ أم حصلت على علامة غير جيدة ولذلك عدت للبيت وأنت تبكين.
فرح بدورها حاولت أن تخفي عن والدتها سبب بكائها لكن أمها قالت: سأعطيك ثقة بأن لا أتكلم لأحد وسأوجهك للطريق السليم، اغسلي وجهك وتعالي لكي نتحدث.
بالفعل غسلت فرح وجهها وبدأت تتحدث مع والدتها وأخبرتها عن سبب بكائها وقالت بحرقة: إنها سندس يا أمي.
الأم: إهدائي يا صغيرتي وتكلمي أليست سندس هي صديقتك المقربة لك، والتي كنت تتحدثين دائماً عنها وعن علاقتك معها؟
قالت فرح: أجل يا أمي إنها هي.
الأم: وماذا فعلت سندس يا بنيتي؟
قالت فرح: لقد حدث اليوم نقاش بيني وبينها، مما أثار غضب صديقتي سندس فما كان منها إلا أن افشت للكل جميع أسراري، فقلت لها يجب عليك أن لا تقولي ما قلته ولقد نبهتك بأن هذا سر يجب عليك أن لا تبوحي به، ولم تكتفي بهذا بل تحدثت عن كل شيء كنا نتحدث فيه سوية أمام جميع زميلاتي.
الأم: لا تغضبي مني يا بنيتي لقد كان عليك منذ البداية أن لا تعطي سرك لشخص دون معرفة حقيقته، وقد نبهتك لأكثر من مرة أنه يجب عليك أن لا تعطي ثقتك لشخص دون أن تعرفي حقيقة مشاعرك تجاهه.
فرح: نعم لقد نبهتني يا أمي لأكثر من مرة ولم أسمع كلمتك لقد ظننت أن صديقتي سندس ستكون الصديقة الوحيدة والمقربة مني.
الأم: يجب عليك دائما أن تكوني حذرة عند انتقاء صديقاتك، يجب عليك أن لا تبغضيهم كل البغض ولا تعطيهم كل الحب. ألم تتعلمي من حديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام.
فرح: وما هو حديث الرسول صلى الله عليه وسلم؟
الأم: ألم ينهانا الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم عن حقيقة محبة الآخرين وأنه يجب علينا الاعتدال في ذلك، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما”.
وأضافت الأم أن الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم قد دعانا للاعتدال بمشاعرنا وعدم الإسراف بها، فقد كان يعلم الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام أن هناك من لا يهتم بالصداقة والمشاعر ولا يهتمون بما يجرح الشخص.
وإذا كرهت شخص يجب عليك أن لا تظهري كرهك له؛ لأنه ربما سيكون يوما ما يكون صديقك المقرب، وتندمين نتيجة كرهك له. تعلمت فرح من والدتها درساً عن اختيار الأصدقاء وانتقائهم.
قالت الأم: الشريعة الإسلامية لم تترك شيء إلا وقد أخذنا منها الدروس المفيدة والعبرة الحسنة، وفرح بدورها شكرت أمها ووعدت والدتها بأنها ستأخذ بتوجيهاتها وشكرتها؛ لأنها كانت غاضبة جداً من سندس ولكنها الآن أصبحت أفضل بكثير، وأنها لن تصادق أحد إلا بعد أن تتأكد من حقيقته.