قصة نجاة موسى عليه السلام وقومه وغرق فرعون ومن معه

اقرأ في هذا المقال


قصة نجاة موسى عليه السلام:

لقد وصل قوم موسى أمام البحر يخشون الغرق، وكانت معجزة الله تعالى لموسى عليه السلام في أن قوم فرعون خلفه والبحر أمامه فيوحى الله له: أن يضرب بعصاه البحر؛ فينفلق البحر كل فرق كالطود العضيم. حيث انتقل الماء من قانون السيولة المسخر به إلى قانون التجمد الذي أراده الله وصار البحر طريقًا، قال الله تعالى :”وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَىٰ “طه 77، كما أن طُرق البحر التي تفرقت بعصا موسى صارت جافه يابسة، وتصلُح للمرور والسير عليها.

ولقد أرسل الله الريح لتجفف أرض الطرق التي أنشقّت بعصا موسى، لقد أصبح البحر سراديب، فسارت فيه اثنتا عشرة جماعة التي خرجت مع موسى عليه السلام، وبينما هم سائرون مع موسى عليه السلام؛ لينجوا جميعهم خوفاً من أن يلحقَ بهم فرعون وجنوده، قال بعضهم: أين إخواننا الذين كانوا معنا؟ أجابهم موسى عليه السلام بما معناه، إنهم يسيرون في الطرق الأخرى التي انشقت بالعصا، كما أراد الحق أن يُنجيكم، لكنهم شكّوا في ذلك، ورفع موسى يدهُ إلى السماء يدعو الخالق الأكرم أن يُعينهُ على سوء خلق من لم يؤمن بقدرة الحق، ورغب فقط في التمنعِ بمعجزاتِ الإيمان، وأوحى اللهُ لموسى عليه السلام أن يضرب بالعصا على الفرق العظيم، فانشق في كل فرقٍ كُوّةٍ يمكن لكلِ جماعةٍ أن ترى الأخرى منها، ويُقال إنّ جبريل كان قد ركب فرساً أنثى آتاه الشبق، وهي تنخرُ في البحر.
وكانت الفرسُ الي كانت لفرعون قد شمت ريحها، فملأها الهياج، فاقتحمت البحرُ ورائها، فغرق فرعونُ ومن معهُ أجمعين، ونجا موسى عليه السلام ومن معه، فهكذا شاءت قدرة الله أن تُهلك وأن تُنجى بالسبب الواحد، وانشقاق البحر ثم عودتهِ إلى حاله مرة أخرى، وعندما جاء الغرق إلى فرعون أعلنَ الإيمان، لكن لا قبول للإيمان في اللحظة الأخيرة؛ وإنما بقي جسدُ فرعون آبيةً لإثباتِ قدرة الله عزّ وجل، وفي ذلك يقول الله تعالى: “وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَآلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَفَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ” يونس:90-93.
لقد شائت إرادة الحق أن يبقى جسد فرعون بعد الغرق محفوظاً؛ ليراه الناسُ بعد ذلك؛ ليعتبروا بالعضةِ التي أرادها الله تعالى، فقد غرق آل فرعون ولم ينجِ فرعون من الغرق، إنما الذي نجا هو جسده، فحدث ذلك أمام أعين من خرج مع موسى عليه السلام هرباً من ظلم فرعون، وبعد أن تأكدوا من نجاتهم جميعاً ولما بدأ موسى الفرارَ بقومهِ من بطش فرعون وجبروته، تَبِعهُ فرعون وقومه، وأصبحت كلُ فئةٍ على مرمى البصر من الأخرى؛ أي أن قوم موسى يرون فرعون وجنوده مقبلينَ، وقوم فرعون يرون موسى عليه السلام وأتباعه وهم يُفِرونَ، قال قوم موسى عليه السلام لنبيهم: “إنّا لمُدرِكون – قال كلا إنّ معي ربّي سيهدين” الشعراء:61-62.
لقد كان كلام قوم موسى منطقياً مع الأحداث؛ لأن قوم فرعون ورائهم يُسارعون إليهم، وأمامهم البحر لا يستطيعون أن يهربوا، فلا بدّ أن يُدركهم قوم فرعون، ولكن موسى قال كلا: لماذا؟ لأنه رسول ربّ العالمين، وربهُ الذي أرسلهُ لن يتركه، وإذا كانت الأسباب قد عجزت، فربُ الأسباب سبحانه وتعالى لا يعجزهُ شيء؛ ولذلك عندما تخلت الأسباب عن موسى وقومه إلتجأ إلى ربّ الأسباب، ولم يلجأ إلى قدرات البشر وقال: “إنّ معي ربِ سيهدين” أي إنّ الله تعالى معي سيهديني إلى طريق النجاة، حين جاءه المدد الإلهي من الله تبارك وتعالى، فيقول الله تعالى: “فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ” الشعراء:63.

نجاة موسى عليه السلام وقومه:

وهكذا نجّى الله تعالى موسى وقومه بأن خرق لهم قانون السيولة واستطراق الماء وفرعون وقومه حين تبعوا موسى وقومه ساعةَ فرارهم من مصر وما حدث، فيقول الله تعالى: “فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ” الشعراء: 61.كان قول قوم موسى يتفق مع العقل والمنطق فالبحر أمامهم وفرعون وقومه أصبحوا على الرؤية منهم، فإذا وصل قوم موسى إلى البحر فلن يستطيعوا السير، وسيدركهم قوم فرعون، ولقد تصور قوم موسى أن البحر خارج عن قدرة الله سبحانه وتعالى أراد أن يلفتنا إلى أن البحر لم ينفلت عن قدرة الله تعالى؛لأن الله ما في السماوات وما في الارض، والبحر منها، وموسى بشفافية النبوة أدرك هذه الحقيقة فقال بثقة المؤمن في ربه “كلا” وفرعون وجنودة على مرمى البصر منهم والبحر من أمامهم؟ وموسى كان يعلم أن الله لن يتركه ولن يترك المؤمنين معه.


شارك المقالة: