قضاء الفوائت

اقرأ في هذا المقال


التعريف بقضاء الفوائت: وهو إيقاعُ الصلاة بعد بعد وقتها.

والأصل في وجوب قضاءِ الفوائت قول النبي-صلى الله عليه وسلم:(( من نَسيَ صلاة فليُصلّها إذا ذكرها؛ لا كفارة لها إلا ذلك)).

وفي روايةِ أخرى عن النبي- صلى االله عليه وسلم- قال:(( من نسيَ صلاة فليُصلّها إذا ذكرها؛ فإنّ الله تعالى يقول وأقِم الصّلاةَ لِذِكري)) “طه 14”.

على من يجب القضاء

لا خلاف بين الفقهاء في وجوب القضاء على النائمِ والناسي، فهذا أجمع عليه العلماء.

  • أما النائم، فقد روي عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال:(( ليسَ في النّومِ تفريط؛ إنما التفريطُ في اليقظة، فإذا نسي أحدُكم صلاةً أو نام عنها، فليُصلّها إذا ذكرها) “رواه النسائي”. وبناءً على ذلك فلا إثمَ على الناسي أو النائم أو النائم في حالة القضاء.

لكن العلماء مختلفون في مسألة ترك الصلاة عمداً فهل يجب على العامد قضاء أم لا؟

فجمهور العلماء أستدلو على وجوب ذلك عليه مع الإثم، وذلك مستفاد من مفهوم الخِطاب، حيثُ إنّ وجوب القضاء على الناسي أو النائمِ مع سقوطِ الإثمِ عنهما ورفعِ الحَرج، يدلُ على وجوبهِ على العامِ من باب التنبه بالأدنى على الأعلى.

أما الظاهرية وبعض الفقهاء إلى أن العامد لا يجب عليه قضاء مافاتهُ من الفرائض، وتَمَسّك هؤلاءِ بدليل الخطاب في الأحاديث المذكورة، حيثُ اشترطت للقضاء النسيان أو النوم، وانتفاء الشرط في العمد يستلزمُ انتفاء المشروط.

وقد أفاض كل فريق في ذكر حُجَجِه في هذا المقام، والذي يمكن لنا قوله هنا أن الرأي الأول القائلُ بوجوب القضاء على العامد وإن لم تؤيدهُ الاحاديث السابقة، حيث لا دليل فيها على وجوب القضاء على العامد، فإنهُ يمكن أن يتأيّد من زاويةٍ أخرى وفي ذلك قال الحافظ بن حجر: إنّ وجوب القضاء على العامد بالخطاب الأول؛ لأنهُ خوطب بالصّلاة وترتبت في ذمتهِ، فصارت دّيناً عليه، والدَين لا يَسقطُ إلا بأدائه، فيأثَمُ بإخراجهِ لها عن الوقت المحدّدِ لها ويسقط عنه الطلب بأدائها، فمن أفطر في رمضان عامداً، فإنهُ يجب عليه أن يقضيه مع بقاءِ إثمِ الإفطار عليه.

وهذا يؤيده عموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم:(( فَدَينُ الله أحقُ بالوفاء)).

كيفية قضاء الفوائت

الأصل في القضاء أن يكون مماثلاً للاداء، وعلى ذلك فإن الأصل أن نقضي الفائتة بنفس صفة أدائها، فأذا فاتت وهو في سفرٍ وجبَ عليه ركعتان في الرباعية، ومن فاتته صلاة الفجر فإنه يقنتُ فيها في حالة القضاء إذا كان يأخذ بمذهب الشافعية في ذلك ، ومن فاتته صلاة ٌ سريّة قضاها كذلك او جهريةٍ قضاها كذلك.

والأصل في ذلك ما رواهُ أبو قتادة رضي الله عنه، في قصة نوم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الفجر، قال:” ثُم أذّنَ بلالُ بالصلاة، فصلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ركعتين، ثُم صلى الغداةَ، فصنعَ كما يَصنعُ كل يوم”. وبناءً على ذلك، فلو فاتتهُ صلاةٌ في حالة الإقامة ثم سافر، فإنهُ يُتمُها أربعاً، لأن العبرة بوقت الوجوب.

الترتيب في قضاء الفوائت

لا خلاف بين الفقهاء في استحباب الترتيب بينض الفوائتِ، وإنما الخلافُ في الوجوب.

  • ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والنابلة وغيرهم إلى وجوب الترتيب بين الفوائت، وأن ذلك شرطٌ لصحةِ قضائها.
  • وذهب الشافعية وبعض الفقهاء إلى أن الترتيب مستحبّ وليس بواجب، لأن كل واحدة عبادةٌ مستقلةٌ، والترتيب إنما وجب في الأداء لضرورة الوقت، فإنه حين وجبَ الصبح لم يجبث الظهر، فإذا فاتَ لم يجب الترتيب في قضائهِ كصومِ رمضان.

وأستدل الجمهور بما روي عن أبي سعيد رضي الله عنه،قال: حُبسنا يومَ الخَندقِ عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بِهَهويٍّ من الليل كُفينا، وذلك قول الله تعالى:(( وكَفَى اللهُ المؤمنينَ القِتَالَ وكانَ اللهُ قوياً عزيزاً)) “الأحزاب 25” قال: فدعا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بلالاَ فأقام الظهر فصلاّها فأحسنَ صلاتها كما كان يُصلّيها في وقتها، ثُمَ أمرهُ فأقام المغرب فصلاّها كذلك، قال: وذلك قبل أن يُنَزل الله-عزوجل- في صلاة الخوف:(( فإن خِفتُم فرِجالاً او رُكباناً)).

الأحوال التي يسقط بها الترتيب

  1. خوف فوات الوقت، إذا خَشِيَ المُصلي فواتَ الوقت قبلَ قضاءِ الفائتةَ، فإن الترتيب يسقطُ حِينَئذٍ في قولِ الحنفية والشافعية والحنابلة في المعتمدِ عندهم. … وأستدلَّ أيضاً من أسقطَ الترتيبَ في هذه الحالة بأن الحكمة لا تُقضي إضاعةُ الموجودِ في طلبِ المفقودِ، وأيضاً فإن الحاضرة آكدُ من الفائتةُ، بدليل أنه يُقتل بتركها ولا يَحِلُ له تأخيرها عن وقتها، والفائتة بخلاف ذلك.
  2. النسيان : ويسقطُ الترتيب عند الحنفية خلافاً للمالكية، والحنابلة، وهؤلاء يُفرقون بينَ حالتين: فالأولى هي: أن يتذكر بعدما أحرم للحاضرة أن عليهِ فائتةٌ والوقتُ متَسع فحينئذٍ يُتمّ الصلاة التي هو فيها، ويقضي الفائتة ثُم يُعيد الصلاة التي هو فيها، سواء كانَ إماماً أو مأموماً او منفرداً، اما إتمام الصلاةِ فلقوله تعالى:(( ولا تُبطِلوا أعمالَكُم)) “محمد33”. أما الثانية: ان يُصلي الحاضرة ناسيّاً الفائتة ثُم يتذكرُ بعد فراغهِ من الحاضرة، فهذا يسقط عنه الترتيب عند الحنابلة خلافاً للمالكية الذين يقولون بوجوب الترتيبِ مُطلقاً، حتى في حالة النسيانِ، ولكن الإعادة هنا عند المالكية تكونُ على سبيلِ الإستحباب لا الوجوب، فوجوب الترتيب عند المالكية لا يكونُ إلا في حالة الذكر.
  3. كثرة الفوائت: ذهبَ الحنفيةُ والمالكية إلى ان الترتيب يسقطُ بكثرةِ الفوائتِ وحدهُ عند الحنفية والمالكية ستُ صلوات، بمعنى ان يكون وقتُ السابعة قد دَخَل ، والذي يدخُلُ في هذا الحد فقط هو الصلواتُ المفروضة دون الوتر والنوافل، أما الحنابلة فيرون عدم سقوط الترتيب في هذه الحالة أيضاً.

قضاء الفوائت في جماعة

يُستحبُ قضاء الصلاة الفائتة في جماعة، وقد فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك حين فاتتهُ أربعُ صلواتٍ يوم الخَندق وقد مرَ الحيثُ معنا سابقا في ذلك.


شارك المقالة: