قواعد في التعامل مع أشراط الساعة

اقرأ في هذا المقال


قواعد في التعامل مع أشراط الساعة:

ألف العلماء قديماً وحديثاً في اشتراط الساعة، ولاتزال المؤلفات تُصدر، والبرامج التلفزيونية والإذاعية ومواقع الإنترنت كلها تتحدث عن أشراط الساعة بين فينة وأخرى. وقد وقع لبعض المتعاملين مع نصوص أشراط الساعة شيء من الخلط والاضطراب.

  • الاقتصار على نصوص القرآن والسنة الصحيحة في الاستدلال: وذلك لأنهما المصدر الذي يمكن منه معرفة الغيبيات:”قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ” النمل:65.، وقال تعالى:”عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًاإِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ” الجن:26-27. فقد يُخبر الله عزّوجل نبيه محمداً عليه الصلاة والسلام ببعض المغيبات لمصالح دينية، ومنها أشراط الساعة، وهي غيب مستقبلي.
    أما معرفة أشراط الساعة من خلال الاسرائيليات، أو الرؤى والمنامات أو تنزيل الأحداث السياسية على أنها من أشراط الساعة من غير دليلٍ على ذلك فلا يصح. وكذلك لا بدّ أن يكون النص المستدل به صحيحاً، سواء كان منسوباً إلى النبي المعصوم عليه الصلاة والسلام، أو أحد من الصحابة الكرام.
    وقد اتخذت أشراط الساعة باباً للإثارة والتجارة لترويج مبيعات الكتب القراء وتَكثيرهم بذكر الغريب والشاذ والمكذوب والأوهام والأحلام، ومن أطراف ما قرأت في ذلك ما ذلك أحد المؤلفين قال: في أثر عزيز، من مخطوطة نادرة من القرن الثالث الهجري بدار الكتب الإسلامية، بكتب خانة الترك باسطنبول ما رواه أبو هريرة وابن عباس وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وفي رواية خاف أن يحدث بها أبو هريرة، ولما أحس الموت خاف أن يكتم علماً، فقال لمن حوله: في نبأ علمته عما هو كائن في حروب آخر الزمنِ، فقالوا: أخبرنا ولا بأس جزاك الله خيراً، فقال: وفي عقود الهجرة بعد الألف وثلاثمائة، عد خمساً أو ستاً يحكم مصر رجل يُكنى”ناصر” يدعوه العرب”شجاع العرب”، وأذله الله في حرب وحرب وما كان منصوراً، ويريد الله لمصر نصراً له حقاً في أحب شهوره- وهو له فأرضى مصر رب البيت والعرب لأسمَر ساداً، أبوه أنور منه، لكنه صالح لصوص المسجد الأقصى بالبلد الحزين.
    وفي عراق الشام، هناك رجلٌ متجبر وسُفياني في إحدى عينيه كسل قليلٌ، واسمهُ من الصدام، وهو صدام لمن عارضه، فالدُنيا جمعت له في كوتٍ صغير دخلها وهو مدهون، ولا خير في السفياني إلا بالإسلام، وهو خيرٌ وشر، والويلُ لخائنِ المهدي الأمين.
  • مراجعة العلماء الثِقاة في هذا الباب: والواجب على من وقع في نفسه شيء في هذا الباب ألا يتعجل في إظهاره قبل عرضه على أهل العلم، فقال تعالى:” فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” النحل:43. وقال تعالى:”وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا” النساء:83. وقد كانت هذه طريقة السلف الصالح، ومن ذلك ما جاء في خبر أبي الطفيل رضي الله عنه قال: كنت بالكوفة، فقيل خرج الدجال، فأتينا على حذيفة بن أسيد وهو يُحدث فقلت: هذا الدجال قد خرج، فقال: إجلس، فجلست، فأتى علي العريف، فقال: هذا الدجال قد خرج وأهل الكوفة يطعنونه. قال: اجلس فجلس، فنودي إنها كذبة صباغ. فقلنا: يا أبا سريحة ما أجلَستنا إلا لأمر فحدثنا. قال: إن الدجال لو خرج لو خرج في زمانكم لرمته الصبيان بالخذف، ولكن الدجال يخرج في بغضٍ من الناس، وخفةٍ من الدينِ، وسوء ذاتِ بين؛ فيردُ كلّ منهلٍ، فتطوى له الأرض طيّ فروة الكبش”. رواه الحاكم في المستدرك، وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرجاه.
  • حدثوا الناس بما يعقلون: يتساهل عدد من المتحدثين في إشراطِ الساعة، بسردِ الأحاديث والكلام عن الأشراط مع عامة الناس، أو حديثي الإسلام ممن قد لا تستوعب عقولهم ما يسمعون، ومن المقرر أنه ليس كل ما يُعلمُ يُقال، ولا كلّ صحيحٍ صالحٍ للنشر، لقصور العقول أحياناً عن تحمله، أو لسوء التعامل معه، أو لعدم تنزيل الكلام منازلهُ الصحيحة، فعن علي رضي الله عنه قال: “حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله”. رواه البخاري.
    وفي رواية:”أيها الناس، تحبون أن يكذب الله ورسوله؟ حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون”. رواه مسلم في مقدمة الصحيح.
    وقال ابن مسعود:“ما أنت بمحدثِِ قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنةً”. رواه مسلم.

شارك المقالة: