كيف كانت الردة في العصور الأخرى؟

اقرأ في هذا المقال


تعريف الردّة:

الردة في الإسلام: هي كفر المسلم بقولٍ صريحٍ أو لفظٍ يقتضيه أو فعلٍ يتضمّنه . ‏

الردّة في العصور الأخرى:

إن الردّة في العصور الأخرى لها مبحثان، وهما ردّة الأندلس، والردّ في هذا العصر. وسنوضحُ في هذا المقال عن كل واحد منهما.

ردّة الأندلس:

لقد كانت الردة موجودة في العصور الإسلامية، ولكنها كانت فرديةٌ في الغالب، فقد كان هناك من ينتقد حدّ السرقة، ويشكك فيه، وهناك من ادّعى النبوة، كما وجد أيضاً من تنصّر واتبع الدين المسيحي، وهناك من ألحَدَّ. وقد كانت أشنع ردة موجودة في التاريخ الإسلامي هي ردّة الأندلس المؤلمة التي لم تجد من ينهيها ويُخلّص المسلمين منها، بل وجدت في عمقها، واستُعمِل أقسى أنواع التنكيل، وأبشعُ أساليب القتل والتعذيب لإجبار المسلمين على ترك دينهم، والتحاقهم بدين النصرانية، وأن يُدخلوا أولادهم الصغار في مدارس النصارى من أجل تلقّيهم تعليمها، وتحريم تعليمهم الدين الإسلامي، فكانت تلك ردّة جماعية هائلة أفقدت المسلمين أرضاً لا زالت تحنُّ إلى ذكر الله، وإلى دين الله وحده لا شريك له.

الردّة في العصر الحالي:

إن الردّة في العصر فيها مطلبان: الأول نظرة عامة في الردة، والثاني الفرق بين الردة الحاضرة وغيرها.

النظرة العامة للردّة:

لقد جاءت الطامة الكبرى في هذا العصر الذي يتبجحُ ويتذمر به المتبجحون بأنه عصر النور، وأنهم ينسبون إليه كلُ رقيٍ وتقدم إلى درجةٍ إلى أنه إذا ذُكر القرن العشرون انحنت لذكره جميع الهامات، وأصغت لاسمه الأذان. ولقد حقق الإنسان فيه باستدراجٍ من الخالق ما لم يحققه في أي عصر مضى من الاكتشافاتِ العلمية المادية.
وفي هذا العصر فقد تقدم العلم المادي، ونُظِّم تنظيماً دقيقاً، ولكنه صادف انحطاطاً شديداً في المسلمين في تصورهم واعتقادهم وسلوكهم وفي سُبل عيشهم، الذي سببه الجهل بدينهم، والذي كان سبباً في عزهم وسيادتهم وسلطتهم.

الفرق بين الردة الحاضرة وغيرها:

هناك فرقُ كبير بين الردّة المعاصرة الردّة في الماضي من جهات كثيرة ونوضح أهمها في المسائل التالية:

  • الشعور العام عند المسلمين: لقد كان المسلمون يستشعرون بالردّة وخطرها، وكانوا يتخذون منها الموقف المناسب، سواء كانت فرديةً أو جماعية، مثل ما وقف الصديق وغيره من الصحابة من أهل الردّة. أما الآن فقد تبلد هذا الشعور عند المسلمين، فقد أصبحوا يخالطون المرتد، ويُعاملونه معاملة غيره من أفرادهم، مثل الأب مع ابنه، الأخ مع أخيه والصديق مع صديقه من مودة وألفة، بل قد يُدافع عنه ويوّد ويسعى لأن يتولى أرقى المناصب دون أي اكتراث ولا أهمية، فأين كان هذا الشعور الشاذ من شعور الأسلاف.
  • التميز: فقد كان المرتد يتميز بردّته عن غيره من المسلمين، أعظم من تميز المجذوم الذي لا يجدُ من يخالطه إلا الشاذ من الأقربونَ إليه. أما في هذه الفترة فيكادُ هذا التمييز ينعدم، إذ تجد في البيت الواحد من يصلي ويصوم ويقوم الليل وغير ذلك من الأعمال التي تقربهُ إلى الله، وبين شخص آخر قريبٌ منه كان ابنه أو أخيه تجدهُ ملحداً ويهزأ بالإسلام ويسخر منه ومن ذكر الله والرسول والصلاة وما شابه ذلك من العبادات التي تقرب الإنسان إلى ربه، ومع الاختلاف الديني بينهما إلا أنهم يأكلون معاً ويشربون وينامون ويتعاملون مع بعضهم البعض بدون أي حرج أو اكتراث فيما بينهما حتى يختلط الحابلُ بالنابل.
  • الشمول: لقد كانت الردّة في الماضي رغم جماعتها إلا أنها كانت غير شاملةً للعالم الإسلامي مثل شمولها الآن، فقد ارتدت بعض قبائل العرب في عهد أبي بكر، ولكن بعض المناطق بقيت بعيدة عن الردّة، مثل المدينة ومكة المكرمة والطائف.
  • الأساليب المتخذة لارتداد المسلمين: لقد كان الضعف الإيماني عند المسلم هو محور كل دافعٍ إلى الردّة، ولكن للأساليبِ المتخذة لإخراج المسلمين عن إسلامهم كان له أثر خطير. فهناك أساليب لا تستطيع أن تخرج المسلمين عن إسلامهم إلى الكفر، حتى وإن كان ضعيف الإيمان، وقد يُزعزع بعضها الآخر من هو أقوى إيماناً من قبل.
    ومن بعض الأساليب التي اتُخِذت من أجل إضعاف الإيمان والإسلام هي اليهود والنصارى، والشيوعيين. والأساليبِ الخادعة هي إخفاء الهدف الحقيقي الذي يسعى الأعداء لتحقيقه في سلمهم وحربهم وفلسفتهم ومعاملاتهم. والهدف الحقيقي إخراج المسلمين عن إسلامهم، أو اضعافه في نفوسهم. أما الهدف البارز، هو العامل الاقتصادي، والتقدم العلمي ليحل محل التأخر والتخلف.

أهم الوسائل التي حققوا عن طريقها مرادهم:

  • التعليم: فالتعليم هو أعظم وسيلة للوصول إلى هدف ما، ألا وهو وضع خطة سياسية تعليمية تخدم ذلك الهدف.
  • وسائل الإعلام: وتتكون وسائل الإعلام من إذاعة وصحافة وتلفزة، وسينما وغير ذلك، وهي مثل التعليم التي توجه توجيهاً منظماً ودقيقاً للتشكيك في الدين، وزع القيم والأخلاق والوقوع في الرذائل التي تؤدي إلى الردّة.
  • التبشير: ويشمل التبشير الاستعمار والاستشراق، وأن لكل منهما دوره الخطير الذي ليس المقام هو مقام بسطه، وما يجري في العالم الإسلامي في كل من آسيا وإفريقيا وملحقاتهما، ولا يخفى على المهتم بشؤون المسلمين، حتى وإن كانت وكالات الأنباء العالمية ووسائل الإعلام إجمالاً لا تنقل الحقائق المرّة بل تذكر النادر منها مزيفاً وغير صحيح في الغالب.
  • التصدي لإنهاء الردّة.

شارك المقالة: