كيف يكون التنويع في الاستفتاح والقراءة والأذكار والدعاء في الصلاة؟

اقرأ في هذا المقال


التنويع في الاستفتاح والقراءة والأذكار والدعاء في الصلاة:

إنّ المُصلّي إذا حافظ على السنة الشريفة في قراءة الاستفتاحات في جميع أنواع الصلاة، فمثلاً فيقرأ هذا النوع تارةً أخرى والأمرُ الثالث تارةً، وقد سبق أن ذكرت منها في فهمٍ وتدبر معاني الاستفتاح وتحتوي على عدة أنواع، فإذا حافظ المسلم على هذه الأنواع منّوعاً لها في صلواته حصل على الخشوع، وعلى ثواب العمل بالسنة، وعلى حفظ هذه الاستفتاحات.
وكذلك يُنوّع في قراءتهِ للقرآن في الصلاةِ، فيلتزم السّنةُ فيما يقرأ في الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، كما جاءت به السُنة، وكذلك قراءة سورة السجدة والإنسان في فجر الجمعة، وقراءة سورة سبح اسم ربك الأعلى والغاشية في صلاة الجمعة تارةً، والجمعة والمنافقون تارةً أخرى، والجمعة والغاشية تارةً ثالثة كما ثبتت السنة بذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام.
وكذلك تنويع أذكار الرفع من الركوع بعد قوله: “سَمع الله لمن حمده” وتارةً يقول: “اللهم ربنا ولك الحمد”. وهناك أيضاً تنويع الأذكار أدبار الصلوات كما جاءت بذلك سُنة النبي عليعه الصلاة والسلام، فقد ذكرت في فهمٍ وتدبر بأن الأذكار بعد السلام من الصلاة أنواع التسبيح، وأنها قد جاءت على ستة أنواع، فيقول المسلم كلّ نوعٍ في دبر صلاةٍ من صلواته.
وكذلك هناك تنويعٌ أيضاً في قراءة التشهد، فإنهُ جاء في السنة على أنواع، وأيضاً الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام جاءت على أنواع، فإذا فعل المسلم ذلك حصل له الخشوع في صلاتهِ.

الاجتهاد في الدعاء في مواضعه في الصلاة:

فالدعاءُ هو أن يُناجي العبد ربهُ بإلحاحٍ، فإن اجتهد العبد في الدعاء، والتذلّل لله فيه والإلحاح والطلب منه تعالى؛ فإنّ هذا مما يزيدُ العبد محبةً لرّبه، وخشوعاً وتذلّلاً، ورغبة فيما عنده، ورهبةً من عذابه، والدعاء في الحقيقة عبادة عظيمة لله تعالى؛ ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: الدعاء هو العبادةُ، قال ربكم: “ادعوني أستجب لكم” وثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: “من لم يسأل الله يغضب عليه” رواه الترمذي.
وقد شرع الله تعالى الدعاء في الصلاة في مواضع ومواطن أثناء أداء المسلم للصلاة، ومن أعظم هذه المواضع ما يلي:
– الدعاء في السجود، فينبغي أن يجتهد المسلم في الدعاء في السجود؛ وذلك لقول الله تعالى: “ولا تَدعهُ واسجُد واقترب” وأيضاً “أقربُ ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء” رواه مسلم. وقوله عليه الصلاة والسلام: “وأما الركوع فعظموا فيه الربّ تعالى، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن، أنّ يستجاب لكم” رواه مسلم. فحرِيّ بالمسلم أن يجتهد في الدعاء في السجود، وقد شرع النبي عليه الصلاة والسلام أدعيةً كثيرةً للدعاء في السجود.
– أذكار الركوع، والدعاء بها.
– أذكار الرفع من الركوع، وبعد الاعتدال منه.
– وأذكار الجلسة بين السجدتين.
– والدعاء قبل السلام بعد التشهد الأخير.
فيتبغي على المسلم أن يجتهد في ذلك، ويقتدي بالنبي عليه الصلاة والسلام في ذلك، ويدعو الله وهو موقنٌ بالإجابة، ويجمع بين الخوف من الله تعالى ورجائه مع المحبة لله تعالى.
وقال العلامةُ ابن القيم رحمهُ الله: فالقلبُ حينما يسير إلى الله يكونُ فإنهُ يُشبه الطائر؛ لأن المحبةُ رأسه والخوف والرجاء جناحاهُ، فمتى سلِمَ الرأس والجناحان فالطائرُ يطيرُ جيداً، ومتى قُطع الرأس مات الطائر، ومتى فُقد الجناحان: فهو عرضهُ لكل صائد وكاسرٍ، ولكن السلف استحبوا أنّ يقوّي في الصحةِ جناح الخوف، وعند الخروج من الدنيا يقوّي جناح الرجاء على جناح الخوف.
لقد قال بعض السلف: إنّ أكملُ الأحوال هو اعتدالُ الرجاء والخوف، وغلبة الحب، فالمحبة هي المركب والرجاء حادٍ والخوف سائقٌ والله الموصل بمنّة وكرمٍ. وقال تعالى: “أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ” لاسراء:57. فابتغاء الوسيلة إليه: طلب القرب منه: فالعبوديةُ والمحبة، فقد ذكر مقامات الإيمان الثلاثة التي عليها بناؤه: الحب، والخوف والرجاء.
ومع ذلك فإنهُ ينبغي أنّ يكون المسلم قبل دعائهِ متطهّراً من الذبوب بالتوبة، ويكون زاهداً ورعاً: وقد ذكر ابن القيم رحمه الله عن شيخ الإسلام ابن تيمية حقيقةَ الزهد والورع فقال: الزهد: ترك مالا ينفعُ في الآخرةِ، والورع: هو ترك ما تخاف ضرره في الآخرة.

العلم بما ثبت في التحذير من ترك الخشوع وما ثبت في الترغيب في الخشوع:

إنّ ما يُعين على الخشوع في الصلاة هو معرفة ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام من التحذير من ترك الخشوع في الصلاة وسرقتها، والعلم بما ثبت من فضائل الخشوع وفوائده، ومن ذلك على سبيل الإيجاز والاختصار هو ما يلي:

  • لقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام إخباره بأن أشدّ الناس سرقةً هو الذي يسرق صلاته، فلا يتم ركوعها ولا سجودها، وأنّ الله لا ينظر إلى صلاة عبدٍ لا يُقيم فيها صلبه بين ركوعه وسجوده، وإنّ مات وهو لا يُتمّ ركوعه، وينقر في سجوده مات على غير ملةٍ محمد عليه الصلاة والسلام، وقد يُصلّي المرء ستين سنة، وما قبلَ الله منه صلاة واحدةً؛ لعلهُ يتم الركوع ولا يتم السجود، ويتم السجود ولا يتم الركوع.
  • الخشوع في الصلاة له فضائل عظيمةٍ، فقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام، أنّ من صلى ركعتين لا يُحدّث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وأن من أحسن الوضوء ثم صلّى ركعتين مقبل عليهما بقلبهِ ووجهه إلا وجبت له الجنة، وجاء في القرآن الكريم أن الفوز والفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة للخاشعين في صلاتهم، وغير ذلك من الفضائل والفوائد العظيمة.

شارك المقالة: