التكلم عن أشراط الساعة:
قال الله تعالى:“يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً” الأعراف :187.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ النبي عليه الصلاة والسلام قال: “لا تقومُ الساعةُ حتى تطلعُ الشمسُ من مغربها، فإذا رآها الناسُ آمنَ من عليها، فذلك حين لا ينفعُ نفساً إيمانها لم تكن آمنت مِن قبلُ” متفق عليه.
إن كلّ أمرٍ يبحثه الإنسان ويتحدث عنه لا بدّ أن يكون له ثمرات يُجنيها من بحثه وعمله. فهل البحث في أشراط الساعة ومعرفتها له ثمرات نعيشها في حياتنا؟ أم هو مجرد معلومات يضيفها المرءُ إلى رصيده الثقافة دون أن يكون له تأثيرٌ في الواقع. إن الجواب على هذه المسألة هو أنه ورد في القرآن والسنة ذكر أشراط الساعة، ولهذا فوائد عديدة يجدها الإنسان في حياته، من ذلك.
أشراط الساعة في القرآن والسنة:
إن من أشراط الساعة في القرآن والسنة ما يلي:
أولاً: هي تحقيق الإيمان بالغيب، وهو ركن من أركان الإيمان الستةِ، فقال الله تعالى:”الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ” البقرة:3.
أما في السنة: أنه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم” أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله” رواه بخاري ومسلم.
والإيمان بالغيب يعني الإيمانُ بكل ما أخبره به الله عزوجل، أو أخبر به رسوله عليه الصلاة والسلام، وصح به النقل عنه فيما شاهدناه، أو غاب عنا، ونعلم أنه حقٌ أو صدق. ومن ذلك أشراط الساعة، مثل خروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وأشباه ذلك ممّا صح به النقل.
ثانياً: وفي معرفة أشراط الساعة حث النفس على طاعة الله والاستعداد ليوم القيامة، ففيه إيقاظ الغافلين، وحثهم على التوبة، وعدم الركون إلى الدنيا، وهذا ما فعله المصطفى عليه الصلاة والسلام مع من حوله حينما علم بقرب أحد أشراط الساعة، ففي الصحيحين أن النبي عليه الصلاة والسلام قام من الليل وقال: ويلٌ للعرب من شر قد اقترب. اليوم فتح من سدّ يأجوج” وفيه” أيقَضوا صواحب الحجر يصلين فربّ كاسية في الدنيا عارية في الآخرة.
ثالثاً: أن فيها بياناً لأحكام شرعية ومسائل فقهية، ففي قصة مكوث الدجال في الأرض، يوم كسنةٍ ويومٍ كشهر، سأل الصحابة النبي عليه الصلاة والسلام، عن أيام الدجال الطويلة التي يمكث فيها على الأرض، فقالوا” أتكفي في اليوم الواحد منها صلاة يوم؟ فقال النبي عليه الصلاة”لا اقدروا له قدرهُ” فاستَفدنا من ذلك كيف يُصلي المسلمون المقيمون في بلدان يستمر فيها النهار أو الليل أشهراً.
رابعاً: معرفة النبي عليه الصلاة والسلام بأشراط الساعة، وهي أمور غيبية لا تُدرك بالظن والتخمين، دلالة على صدق رسالته، وأنه رسول من عند الله تعالى، فهو سبحانه عالم الغيب والشهادة، فقال عزّوجل:”عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا–إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا” الجن:26-27.
خامساً: إن معرفتنا لأشراط الساعة يفيدنا في التعامل معها بالطريقة الشرعية؛ حتى لا يلتبس علينا أمرها. مثل إخبارنا عن الدجال بالتفصيل، ووصف عينه وجبينهُ والأشياء التي معه؛ حتى لا نقع في فتنتهِ بل نعرف أنه دجال.
سادساً: التهييء النفسي لما سيكون مستقبلاً، ما إذا كان الأمر مفاجئاً.
سابعاً: فتح باب الأمل؛ لأن من أشراط الساعة ما فيه نصر للإسلام، ونشره في الأرض، وأن دين اليهود والنصارى سيزول؛ وذلك بناءً على البشارات النبوية بالتمكين للإسلام، وظهوره على الدين كله، ولو كره الكافرون.
ثامناً: إشباع الرغبة الفطرية في الإنسان، التي تتطلع لاستكشاف ما غاب عنه ومعرفة ما يحدث في المستقبل من وقائع وأحداث. ومن تحقيق الشارع عزّوجل للأخبار الصادقة الصادقة في شأن هذه المغنيات. وإذا كان الإسلام سدّ طرق الدجالين الذين يدّعون الإطلاع عليها كالمُنجمين، والعِراقيين والكهّان ونحوهم، إلا أنه أطلعنا من خلال الوحي على كثير من هذه الأحداث المستقبلية، وهي أشراط الساعة.
تاسعاً: أن الإيمان بأشراط الساعة يقوي الإيمان ويزيده؛ فوقوعِ مثل هذه العلامات يؤكد صدق الدين الذي أنت عليه.