اسم صلاة التراويح:
صلاة التراويح: هي الصلاة التي تصلّى جماعة في ليالي رمضان، والتراويح جمع ترويحة، وسمّيت بذلك؛ لأنَّهم كانوا أول ما اجتمعوا عليها يستريحون بين كل تسليمتين، كما قال الحافظ ابن حجر، وتُعرف كذلك بقيام رمضان.
حكم صلاة التراويح عند أهل السنة:
إنَّ قيام رمضان في جماعة مشروعٌ، سنة رسول الله ولم يداوم عليها خشية أن تفرض على المسلمين، فعن عائشة أنَّ النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد، وصلّى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم، فصلّى فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله فصلي بصلاته، فلمّا كانت الليلة الرابعة عَجَزَ المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهّد ثم قال:( أمّا بعدُ فإنه لم يخفَ عليَّ مكانكم، ولكني خشيتُ أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها، فتوفي رسول الله والأمر على ذلك).
ولمّا توفي النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ وأمّا من فرضها أحياءً لهذه السنة عمر بن الخطاب ، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال:(خرجت مع عمر بن الخطاب ليلةً في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرّقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرَّهط، فقال عمر: إنّي أرى لو جمعتُ هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثمّ عزم فجمعهم على أُبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون ـ يريد آخر الليل ـ وكان الناس يقومون أوله).
قلت: مرادُ عمر بن الخطاب بالبدعة هنا البدعة اللغوية، وإلا فهي سنّة سنَّها الرسول وأحياها عمر بن الخطاب الذي أمرنا بالتَّمسك بسنّته: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ» الحديث.
وعن عروة بن الزبير أنَّ عمر بن الخطاب جمع الناس على قيام شهر رمضان، الرجال على أبُيّ بن كعب، والنساء على سليمان بن أبي حثمة.
وروي أنَّ الذي كان يصلي بالنساء تميم الداري .
وعن عرفجة الثقفي قال: «كان علي بن أبي طالب يأمر الناس بقيام رمضان ويجعل للرجال إماماً وللنساء، فكنتُ أنا إمام النساء».
وعن أبي هريرة قال: «كان النبي يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة».
وذكر الإمام القحطاني المالكي في منظومته حيث قال: صلى النبي به ثلاثاً رغبة….وروى الجماعة أنها اثنتان.
لقد حث النبي محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ وحضَّ على قيام رمضان ورغب فيهِ، وما فتىء السلف الصالح يحافظون عليها، وقد قرن بين الصيام والقيام، فعن أبي هريرة قال:(سمعت رسول الله يقول لرمضان من قامه إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه). وفي رواية في الصحيح كذلك عنه:( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه). وزاد النسائي في رواية له:(وما تأخَّر) كما قال الحافظ في الفتح.
وقال الحافظ ابن حجر: الظاهرة يتناول الصغائر والكبائر، وبه جزم ابن المنذر. وقال النووي: المعروف إنّه يختص بالصغائر، وبه جزم إمام الحرمين الشريفين، وعزاه عياض لأهل السنة، وقال بعضهم: ويجوز أن يخفّف من الكبائر إذا لم يصادف صغيرة.
إلى أن قال: وقد ورد في غفران ما تقدم وما تأخّر من الذنوب عدّة أحاديث جمعتها في كتاب مفرد، وقد استشكلت هذه الزّيادة من حيث إنّ المغفرة تستدعي سبق شيء يُغفر، والمتأّخر من الذنوب لم يأتِ فكيف يغفر؟ والجواب عن ذلك يأتي في قوله حكاية عن الله عز وجل أنه قال في أهل بدر:(اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)، ومحصّل الجواب: أنه قيل إنه كناية عن حفظهم من الكبائر فلا تقع منهم كبيرة بعد ذلك. وقيل إن معناهُ أن ذنوبهم تقع مغفورة.
وفعلها في آخر الليل أفضل من فعلها في أوله لمن تيسر لهم، واتفقوا عليه، لقول عمـر : والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون.
ولله در الشافعي ما أفقهه حيث قال، كما روى عنه الزعفراني: (رأيت الناس يقومون بالمدينة بتسع وثلاثين، وبمكة بثلاث وعشرين، وليس في شيء من ذلك ضيق).
وقال أيضاً: (إن أطالوا القيام وأقلوا السجود فحسن، وإن أكثروا السجود وأخفوا القراءة فحسن، والأول أحبُّ إليَّ).
فالأصح والأفضل هو أن يُقام رمضان بإحدى عشرة ركعة مع إطالة القراءة، ولا حرج على من قام بأكثر من ذلك.