ماذا تعني الكفارة في الإسلام؟

اقرأ في هذا المقال


الكفارة في الإسلام:

الكفارة في اللغة: وهي مأخوذة من الكفر وهو التغطية والستر بصفةٍ عامة سواء كان تغطية مادية أو تغطيةً معنوية وإنَّ كانت. وفي المادية أظهر والمعنوية تلحق بالمادية ولهذا سمى الزراع للأرض كافراً؛ لأنه يقوم أثناء زراعته بتغطية البذر في الأرض وسترهُ، فقال تعالى:”يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ” الفتح:29. ولما كانت التغطية المادية أظهر فلا نقول بأنه يُقاس عليها التغطية المعنوية وهو ستر الذنب وإنَّما كان معنى للكفارة مطلق الستر ليشمل الستر المادي والمعنوي فيكون الستر المعنوي أصل في معنى الكفارة وليس مقيساً وسبب ذلك: أن القياس فيه تعدية للحكم لكن كونه أصلاً لا تعدية فيه فيكون أقوى.
الكفارة اصطلاحاً: لم نجد لها في الاصطلاح تعريفاً جامعاً مانعاً وإنَّما التعريفات التي ذكرت أما أن تتناول الاسم فقط كما ورد في بدائع الصنائع حيثُ قال: إنَّ الكفارة هي إسمٌ للواجب، يعني أن اسم الكفارة يُطلق على القدر الواجب في الذمة ولم يتعرض في تعريفها لسَببها ولا لآثارها واكتفى بأن الاسم يطلق على الواجب فحسب. أما تعريف الكفارة أيضاً هي عبارة عن اسم لعقوبةٍ مقدرة شرعاً لستر الإثم المترتب على ارتكاب المحظور قولاً وفعلاً.
ما يؤخذ من التعريف: إنَّ ما يؤخذ من هذا التعريف هو ما يلي:
مع أنها اسم من حيث إطلاقها على ما يجب وإنَّ كان المكلف عندما يقوم بالتكفير يفعلُ فعلاً ألا إنَّها اسم على الفعل الذي يقوم به المكلف عند وجوبه عليه.

وجعلها عقوبةً يعاقب بها المكلف جزاءً على ما ارتكبه من مخالفة، ولو لم تقع منه المخالفةِ فلا تجب عليه الكفارة.
وإطلاقُنا عليها عقوبة وعبادة ألا أننا غلبنا الجانب العقابي؛ لأن المكلف ألزم نفسه بالتفكير بسبب مخالفته ولو لم يكفر لظلت ملازمته مشغولة والإثم المترتب في ذمته لم يستر بعد والمقصود بالسترِ: هو التغطية أو المحو عملاً وذلك بقوله تعالى:”إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ” هود:114.

وقولنا أنها مقدرة يُخرج غير المقدر؛ لأن غير المقدرة قد لا تكون لازمة في الذمة، مثل الصدقةِ عندما يخرجها المكلف على صغيرةٍ ارتكبها فإنَّه عندما يخرج مثل هذه الصدقة لا يلتزم بقدرٍ معين، وإنَّما يخرج ما يشاء دون تقييد بوقت لهذا الإخراج.
وقولنا مقدرةً يمكن أن يكون التقدير راجعاً للمكلف ويمكن أن يكون راجعاً للمشرع لذلك قلنا المقدرة شرعاً ليكون التقدير لا دخل فيه للمكلف حتى لا يخضع للزيادة والنقصان وإنَّما كان التقدير للمشرع ليتحقق فيه الإلزام والالتزام.
يؤخذ من هذا التعريف أن الكفارة تعتبر جزءاً المخالفة المرتكبة من المكلف ومن لا تجب ابتداءاً وإنَّما تجب بسبب المخالفة المرتكبة.
يشترط في سبب الكفارة أن يكون محظوراً هو المنهي عنه إذ لولا ارتكاب المحظور المنهي عنه لما استقرت الكفارة في الذمة.
لما كان ارتكاب المكلف للمحظور قد يكون بالأقوال وقد يكون بالأفعال رأينا أن يكون التعريف مشتملاً عليهما فقُولنا “قولاً أو فعلاً”. أما الأقوال المحظورة كما في الحلف باليمين المنعقدة؛ لأن اليمين الغموس. ليس فيها كفارة مقدرةً وإنَّما كفارتها التوبة والاستغفار لقوله عليه الصلاة والسلام: اجتنّبوا السبع الموبِقاتِ وذكر منها اليمين الغموس. وأما اليمين المنعقدة: فهي الموجبة للكفارة، وذلك لقول الله تعالى:”وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ” المائدة:89.
ومن الأقوال الظهار فإنَّه للكفارةِ لقوله تعالى:”وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا “المجادلة:3. وقد يكون عمل المكلف فعلاً من الأفعال المحظور ارتكابها كحلقهِ أو تقصيره في الحج قبل بلوغ الهدي محلهُ لقوله تعالى:”وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ” البقرة:196. وكالفطرِ في نهار رمضان متعمداً، وكذلك إذا قتل مؤمناً خطأً، لقوله تعالى:”وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ” النساء:92.
وهذا التعريف قد اشتمل على كافة الأركان الواجب توافرها في الكفارةِ سواء من حيث قدر الكفارة ومن حيث وجوبها بالشرع، كما أنه يشتمل على سبب وجوبها وهو ارتكاب المحظور، ويشتمل على الأثر المترتب على وجوب الكفارة وهو ستر الإثم.

سبب تسمية الكفارة:

تُسمّى كفارةً وهذا هو الغالب وقد ورد ذلك في القرآن والسنة.
أما من القرآن: في قول الله تعالى في كفارة اليمين:”فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ” المائدة:89.
أما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم: “ومن حلف على شيءٍ ورأى غيره خيراً عن يمينه وليأت الذي هو خير”. صحيح مسلم شرح النووي.
وتُسمّى بالفديةِ: ولعل هذه التسمية قليلةً ولكن ربما سُميت بذلك، لأنها فداءٌ للفعل المرتكب يدل لذلك قول الله تعالى:” فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ۚ“البقرة:196.


شارك المقالة: