ماذا تعني عقوبة الحبس بأنواعه؟

اقرأ في هذا المقال


تعريف الحبس ومشروعيته:

الحبس في اللغة: تأتي بمعنى المنع. وهو مصدر حبس، ثم أطلق على الموضع. أما الحبس في الشرع: فقد قال ابن قيم الجوزية: إن المقصود بالحبس الشرعي ليس الحبسُ في مكانٍ ضيق، ولكنه تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه، سواء كان ذلك في بيت أو في مسجدٍ أو غيرها، وإن هذا كان هو الحبس على عهد النبي عليه الصلاة والسلام وأبي بكر، فلم يكن هناك محبسٌ معدٌ لحبس الخصوم، ولكن لما انتشرت الرعية، واتسعت رقعة بلاد المسلمين، اشترى عمر داراً لصفوان ابنُ أميّة بأربعة الآفٍ درهم، وجعلها حبساً.
وعلى هذا الأمر فقد ذهب أكثر العلماء، إلى أن للإمام أن يتخذ حبساً وقال البعض: بأن ليس له أن يتخذ حبساً بحجة أن النبي عليه الصلاة والسلام وأبا بكر لم يكن لهما حبس، ولكن للإمام أن يُعوق الشخص بمكان من الأمكنة أو يقيم عليه حافظاً. وقد سمّى ذلك بالترسيم.
والسجن معناه الحبس، فلذلك يُطلق الفقهاء كلاً منهما بمعنى الآخر، ويطلقون كذلك كلمة الحبس أو المحبس أو السجن على المكان الذي تُنفذ فيه عقوبة الحبس أو السجن، ويقصدون بالكل في نفس المعنى.

مشروعية الحبس:

لقد اختلف الفقهاء في مشروعية الحبس، فقال بعضهم: إن النبي عليه الصلاة والسلام وأبا بكرٍ لم يكن لهما سجن، ولم يَسجنا أحداً قط. وقال آخرون بمشروعيةِ الحبس، وساقوا على ذلك حججاً كثيرةً، منها: أن النبي عليه الصلاة والسلام حكم بالحبس، فقد ورد أنه سُجن بالمدينة أناساً في تهمة دم، وأنه حبس رجلاً في تهمة ساعة من نهار، ثم أخلى سبيله، وأنه حكم بالضرب والسجن. وأنه ثبت أن عمر بن الخطاب كان له سجن، وأنه سجن الحطيئة على الهجو، وسجن صبيغاً على سؤاله عن الذاريات والمرسلات والنازعات وشبههنَ وضربه مرة بعد مرة، ونفاه من العراق.
وقال البعض إن النفي كان إلى البصرة وأمر ألا يُجالسهُ أحد، فكان إذا جاء الناس وهم مائةً تفرقوا عنه، وظل كذلك حتى كتب أبو موسى إلى عمر بحسنِ توبته، فأمر عمر فخلى بينه وبين الناس. وأن عثمان بن عفان سجن ضابئ بن الحارث، وكان من لصوص بن تميم وفُتاكم، حتى مات في السجن.
وأن علي بن أبي طالب سُجن بالكوفة، وروى عنه أنه بنى سجناً من قصب وسماه نافعاً، فنقبتهُ اللصوص، ثم بنى سجناً من مدّر وسماه مخيساً. واحتجوا على مشروعية السجن بالقرآن: فقال تعالى: “ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا” النساء:15.
ومن السنة: وهي أن النبي عليه الصلاة والسلام حبس رجلاً للتهمة. وقد عقد الإجماع على أن الحبس يُصلح عقوبة في التعزير، ووضعه الفقهاء بين العقوبات التي يقضي بها التعزير.


شارك المقالة: