ماذا طلب شعيب عليه السلام من موسى عليه السلام؟

اقرأ في هذا المقال


طلب شعيب عليه السلام من موسى عليه السلام:

قال شعيب لموسى عليه السلام: “قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ۖ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ ۖ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ۚ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ” القصص:27. أي أن تكون أجيراً عندي لمدةِ ثمانِ سنوات، فإنّ أكملتها عشرا سنواتٍ فهذا كرمٌ منك، ولن أشقّ عليك في العمل، وحين تُعايشني، ستعرف بأنك عايشت رجلاً من الصالحين، تُحب ألا تُفارقهُ، وستكمل العشر سنوات برغبتكَ وإرادتك.
فوافق موسى على هذا العرض وقال: “قَالَ ذَٰلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ۖ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ ۖ وَاللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ” القصص:28 أي هذا الإتفاق بيني وبينك سواء قضيت ثماني أو عشراً فلا عدوان عليّ، وهنا العلماء أخذوا من هذه الآية حكمّاً آخر فقالوا هل يعني هذا الكلام أن موسى سينتظر عشر سنين ثم يبني بالبنت رغم أنهما اتفقا وأشهدا الله على هذا الاتفاق؟ قال العلماء: لا ليس المقصود ذلك، ولكن تسمية المهر هي المطلوب، أما قبضه فيمكن أّن يؤخر، أو يُقدم جزء منه ويؤخر جزء، لكن لا بدّ من تحديدهِ، فتسميةِ المهر هو الشرط، أما قبضه فليس مهمّاً، وذلك بدليل أنه أشترط أن يزوجه ابنتهُ على أن يعمل عنده ثمانِ سنوات أو عشراً واتفقا على ذلك، وبنّى موسى عليه السلام بالفتاة قبل أن يقضي جزءاً من هذه المدة.

عودة موسى عليه السلام وأهله:

قال الله تعالى: “فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ” القصص:29. “الأجل” هو الثمان سنواتٍ أو العشر، والحق سبحانه أطلق على الزوجة: أهل الرجل، أو : إن الجماعة معي؛ وذلك لأن الزوجة تقضي للرجل ما لا يقضيه غيرها، وتزيد شيئاً لا يصحُ أن يقضيه غيرها، فقامت مقام الأهل أو الجماعة. ومعنى “ءانس” أبصر ورأى أو أحس بشيءٍ يؤنس، ومن الأنس. “الطور” هو جبل الطور بجنوب سيناء، ومعنى “أمكثُوا” أي انتظروا في هذا المكان. وقوله: “إني ءانستُ ناراً” معناه أنه يُخبرها، وأنها لم ترها، ولو كانت ناراً مادية من صنع البشر لاستوى الأهل معه في الرؤية، فكأن هذه حالة خاصة به.
وكلمةُ “لعلّي” تفيد الرجاء؛ لأنهما كانا تائهين لا يعرفان أين يذهبان، ولا أين الطريق، فهذا هو الخبر الذي يسألان عنه، وكان الجو بارداً يستلزم البحث عن جذوة من النار يستدفئان بها، فمأرب موسى وأهله في تلك اللحظة شيء يهديهما الطريق ويعرفهما أين هما، وشيء يدفئهما من البرد، فجاءهما الحق سبحانه بهذين الأمرين معاً برؤية هذه النار.

وصول موسى عليه السلام إلى الوادي المقدس:

قال الله تعالى: “وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰإِذْ رَأَىٰ نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى” طه: 9-10. إنّ هل هي أداة استفهام، والاستفهام هو طلب الفهم، ولكن الله تعالى يعلم الحكاية كلها وليس في حاجة إلى الاستفهام من أحد، ولكن هذا أسلوب تشويق وهو إلقاء صيغة الاستفهام، ولم يكن يعلم موسى هل هل سيدرك لهباّ، أم أنه سيصلُ إليها بعد أن ينطفئ اللهب وتبقى الجمرات؟ فمرةً تجدهُ يقول: “إِذْ رَأَىٰ نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًىالنمل:7 ومرة أخرى يقول: “لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ” القصص:29. وحاجته إلى النار كانت شديدة؛ لأن الليلة كانت ممطرةً والجو بارد وهم غرباء عن المكان. وكان مع نبي الله موسى زوجته، وابنه وخادمه، وكانوا جميعاً في حاجة إلى التدفئة؛ ولأنهم غرباء كانوا في حاجة إلى دليلٍ يهديهم إلى الطريق الذي يسلكونه إلى مصر، وذلك قوله: “لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى“.
إذن فقد تعددت الكلمات؛ لأن الموقف لا يمكن أن ينتهي بكلمة؛ لأنهم لن يتركوه يذهب بسهولة، فالحق تعالى ذكر كل هذه اللفظات في آيات كثيرة حتى يجمع القصة كلها، ومعنى “أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى“. أي أجد أحداً يهديني بأن يدلني على الطريق الذي سيوصلني إلى غايتي.

قال الله تعالى: “وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰإِذْ رَأَىٰ نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى” طه: 9-10. إنّ هل هي أداة استفهام، والاستفهام هو طلب الفهم، ولكن الله تعالى يعلم الحكاية كلها وليس في حاجة إلى الاستفهام من أحد، ولكن هذا أسلوب تشويق وهو، إلقاء صيغة الاستفهام، ولم يكن يعلم موسى هل هل سيدرك لهباّ، أم أنه سيصلُ إليها بعد أن ينطفئ اللهب وتبقى الجمرات؟ فمرةً تجدهُ يقول: “إِذْ رَأَىٰ نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى” النمل:7 ومرة أخرى يقول: “ لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ” القصص:29. وحاجته إلى النار كانت شديدة؛ لأن الليلة كانت ممطرةً والجو بارد وهم غرباء عن المكان. وكان مع نبي الله موسى عليه السلام زوجته، وابنه وخادمه، وكانوا جميعاً في حاجة إلى التدفئة؛ ولأنهم غرباء كانوا في حاجة إلى دليلٍ يهديهم إلى الطريق الذي يسلكونه إلى مصر، وذلك قوله: “لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى“.
إذن فقد تعددت الكلمات؛ لأن الموقف لا يمكن أن ينتهي بكلمة؛ لأنهم لن يتركوه يذهب بسهولة، فالحق تعالى ذكر كل هذه اللفظات في آيات كثيرة حتى يجمع القصة كلها، ومعنى “أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى“. أي أجد أحداً يهديني بأن يدلني على الطريق الذي سيوصلني إلى غايتي، ثم يقول الله تعالى: “فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَىٰإِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى” طه: 11-12. فقال المفسرون إنه لما أتاها وجد نوراً يتلألأ في شجرة، وهذا النور الذي يتلألأ في الشجرة لا خضرة الشجرة تؤثر عليه فتبهتهُ، ولا النور يطغى على خضرة الشجرة فيُضعفها، مسألة عجيبةً؛ لأن الضوء الشديد حين يسقط على الخضرة يبهت لونها والخضرة الشديدة تبهت الضوء، ولكن هذا لم يحدث من النور الذي رآه موسى عليه السلام على الشجرة.
وقوله: “إني ءانستُ” هناك كلمتان متقابلتانِ: آنستُ وتوجستُ، فمعنى آنستُ أي شعر بشيءٍ يؤنس به، ويطمئنُ إليه، وتوجستُ أي شعرتُ بشيءٍ يخيف؛ ولذلك يقولون: توجستُ شراً. فنبي الله موسى لما آتى هذا المكان هاله منظرُ النور الذي رآه، “نُوديَ يا موسى” وهذا معناه أن الذي يناديهِ يعرفهُ جيداً، وما دام يعرفه جيداً، فلعلهُ أطمأن حينما سمعَ من يناديه باسمه، مع أنه أخذ يبحثُ عن مصدر النداء فلم يعرف وبعد ذلك قال له سبحانه وتعالى: ” إنّي أنّا ربّك” فحينما سمع موسى ذلك لم يتعجب مما رأى من النور والخضرة الذي لم يطغ أحدهما على الآخر، ولم يتعجب من سماع الكلام، دون أن يرى من يكلمهُ؛ لأن هذا شيء من عند الله تعالى، ولا يُقاس بأحداث البشر، فاطمأن على أنه في حضرة ربه الأعلى سبحانه وتعالى.
وكلمة “ربّك” في ربّك في قوله تعالى: “إنّي أنّا ربّك” تفيد الإيناس؛ لأن كلمة الله مطلوبها عبادة وتكليف؛ لأن الله مضاع فيما أمر، لكن الرب “عطاءً” حتى للكافر فخاطبهُ بصفةِ الرب الذي يتولَ التربيةِ. وأول أمرٍ وجهه الحق سبحانه لموسى في هذا الموقف أن يخلع نعليه، وعلّة ذلك أنه بالوادي المقدس الذي اسمه “طوى” وفي آية أخرى يقول: “فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ” القصص:30. وهذا ليس تكراراً في القرآن.


شارك المقالة: