اقرأ في هذا المقال
- أرش الأعضاء الجوفية
- الجناية إن أدت إلى الوفاة
- الجناية على العضو إن أدت إلى تعطيل منفعته
- الجناية على العضو إن أدت إلى إبانة جزء منه مع بقاء منفعته
أرش الأعضاء الجوفية:
إن الجناية على الأعضاء قد تؤدي إلى الوفاة وقد تؤدي إلى تعطيل المنفعة وقد تؤدي أيضاً إلى استئصال العضو وإبانتهِ وسيتم فيما يلي بيان ذلك.
الجناية إن أدت إلى الوفاة:
إذا أدت الجناية إلى أي عضو من الأعضاء الجوفية إلى الوفاة، ففيها دية النفس كاملةً إذا كانت الجناية خطأ كما في الأعضاء الظاهرة، ويُسمّى بالجرح المفضي إلى الموت.
الجناية على العضو إن أدت إلى تعطيل منفعته:
إذا أدت الجناية على أي عضو من الأعضاء الداخلية إلى تعطيل منفعة العضو، فإما أن تتعطل منفعتهُ بالكلية أو يتعطل جزء من المنفعة أو تبقى المنفعة ويُستأصل جزءٌ منه. الجناية على العضو إن أدت إلى تعطيل المنفعة كاملة بالإبانة أو الاستئصال فإننا ننظر إلى ما يلي:
أولاً: إن كان للعضو منفعةً كاملة لا يقوم بها غيره، ولا يستغني عنها الجسم، ففي إبطال منفعته بالكِلية دّيةً كاملةً؛ وباءً عليه فما في الجوف منه شيء واحد مثل الكبد والطحال والمعدة والأمعاء تجب فيه كمال الدّية بتعطيل منفعته، ما عدا المرارة، فإن منفعتها محدودةً.
وقد يستغني عنها الجسم وما في الجوف منه شيئان مثل الرئتين والكليتين والمبيضين والحالبين، فإنها تجب الدية بتعطيل مَنفعتهما، وتجب نصف الدّية بتعطيلِ منفعة إحداهما بغض النظر عن حجمها، أو كونها اليمنى أو اليسرى ،وذلك قياساً على اليدين والرجلين والعينين، ولأن تفاضل المنافع في الأعضاء المتجانسة لا يوجب تفاضلها في الدّيات. ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: “الأصابعُ سواءٌ والأسنانُ سواءٌ الثنيّةُ والضرسُ سواء، هذه وهذهِ سواء”.
نصوص للفقهاء في إيجاب الدية بتعطيل منافع بعض الأعضاء الجوفية:
وقد وردت نصوص للفقهاءِ في إيجاب الدّية بتعطيل منافعُ بعض الأعضاء الجوفية، وهي المرئ والأمعاء الغليظة والمثانة والرحم والمِبيضان وهي:
- نص فقهاء الشافعية على أن في المريء ديةً كاملة إن ذهب نفعهُ بالكلية.
- نص بعض الفقهاء على أن الجناية على البطن إن أدت إلى تعطل منفعة الأمعاء الغليظ ففيها ديةٌ كاملة.
- نص الفقهاء على أن تعطيل منفعة المثانة كاملة يوجب الدية.
- أشار فقهاء الشافعية في معرض الحديث عن دية المنافع إلى أن في إبطال قوة حبل المرأة دية كاملة لفوات منفعة النسل، ومنفعة النسل لا تتوفر إلا بوجود الرحم الذي يعد المكان الطبيعي للحمل، والمبيضان اللذان يقومان بإنتاج البويضات.
وما لم ينص عليه يُقاس على ما نص عليه بجامع تعطل المنفعة الكاملة الموجبة للدية.
وكان يُعتقد أن للطحال منفعةً محدودة ومرتبةً ثانوية بين أعضاء الجسم، غير أن الطب الحديث أثبت أن للطحال منفعةً أساسية وهامة في الجسم، فقد استعرض بعض الباحثون نتائج دراسات تبين أن الطحال مستودع عدد هائلٌ في الكُريات البيض، بحيث يُطلقها الطحال في حالة الإصابات الخطيرة التي يتعرض إليها الجسم، مثل النوبات القلبية أو الجروح النازفة أو الغزوات الجرثومية.
كما اكتشف الباحثون أن احتمالات الوفاة بأمراض القلب والدورة الدموية تزيد مرتين بين المرضى الذين أزيل الطحال من أجسامهم على احتمالاتها لدى الذين احتفظوا بالطحال.
وبناءً على ذلك نرى أن استئصال الطحال أو ذهاب منفعته دّية النفس كاملةً لتحقق العلة الموجبة للدّية، وهي تعطل منفعة كاملة مقصودة في الجسم لا يستغني عنها الإنسان.
الجناية على العضو إن أدت إلى إبانة جزء منه مع بقاء منفعته:
ويكون هذا كما في الكبد، حيث قرر الأطباء أن الكبد قد يُتلف أو يُستأصل جزءٌ منه دون أن يؤثر ذلك على أداء الكبد لوظيفته، بل وقد قرروا أنه يستطيع أن يُعوض 75% ممّا فقد منه إن وجد 25%. وهذه المسألة يتخرج فيها قولان بناءً على اختلاف العلماء في اللسان فيما لو قطع بعض اللسان ولم يُبطل شيء من الكلام، واختلافهم في أصل الدية المنفعة أو الجرم وهي:
1. تجب حكومة عدل وهو قول المالكية ووجه عند الشافعية.
2. يجب بقسطه من الدية وهو منصوص الشافعي ومذهب الحنابلة، ولكن الأغلبية تميل إلى الرأي الثاني، وذلك لما تقدم أن كلا المنفعة والجرم مضمونان بالدّية. لكن لا بد من الإشارة إلى أن الكبد تتميز بخاصية عن أعضاء الجسم الأخرى، وهي قدرتها الملحوظة على تعويض الأنسجة المفقودة بسرعة وبشكل تام في حال استؤصل جزءً منها، بحيث يمكنها أن ترجع إلى حجمها الطبيعي بشرط أن تكون الكبد سليمة من الأمراض التي تعوق ذلك؛ وبناءً عليه ينتظر بها المدة التي يبرأ بها الجرح حتى تجب ديتها، فتجب الدية بعد البرء، تخريجاً على سن الصبي الذي لم يثغر.