عقوبة الزنا:
فالزنا: هي كبيرةً من الكبائر وهي من أقبح الذنوب وأنجسها، وعرفوه بأنه هو وطء الرجل امرأة من غير عقد شرعي، كما أن إثم الزنا أكبر من إثم اللواط، وذلك بسبب كثرة وقوعه، ومقارنته باللواط، وهذا ما دعت إليه الشهوة.
الاعتراض على عقوبة الزنا ورده:
تختلف عقوبة الزنا باختلاف حال الزاني، فالزاني البكر عقوبته الجلد والتغريب، وعقوبة الزاني المحصن هي الرجم.
وعلى أيّ من الحالتين فقد أورد نفاة المعاني والقياس اعتراضاً على عقوبة الزنا فقالوا: هذا تفريقٌ في الشرع بين المتماثلات، فكيف يُعاقب الشرع السارق بقطع يده، ويترك معاقبة الزاني بقطع فرجه، فالفرج هو العضو الذي باشر فيه الشخص معصية الزنا، واليد أيضاً هي الآلة التي استعمل فيها معصية السرقة.
فقد ناقش ابن القيم هذا الاعتراض، وجاء عليه بالنقص والرد له من وجوه متعددة مبيناً أن هذا من أفسد القياس وأبطله، وأن الحكمة هنا فيما رتبه الشارع على جريمة بما يناسبها من عقاب.
ونلخص وجوه الرد والتعقيب لهذا الاعتراض فيما يلي:
- أن الفرج هو عبارة عن عضوٍ خفي مستور لا تراه العين، فلا يحصل بقطعه مقصود الشارع بالحدّ من الزجر والردع للغير، وهذا يكون بعكس السارق بقطع يده.
- إن في قطع العضو التناسلي، قطعٌ للنسل وتعريض الشخص للهلاك، وقضاءً على النوع الإنساني، وهذا يكون بخلاف يكون بخلاف قطع يد السارق.
- أن لذة الزنا سرت في جميع البدن، مثل لذة العضو المخصوص فكان الأحسن أن تعم العقوبة في جميع البدن الذي نالته اللذة المحرمة.
- إن السارق إذا قُطعت يده بقيت له اليد الأخرى تعوض عنه بخلاف الفرج، فإنه إذا قُطع لم يبقى له ما يقوم مقامه لتتم مصالحه بتنمية النوع الإنساني.
- أنه إذا قطع العضو التناسلي فقد أفاض إلى الهلاك، وغير المحصن لا تستوجب جريمته الهلاك، والمحصن يناسب جريمته أشنع القتلات، ولا يناسبها قطع بعض أعضائه. فيفترقا.
إن الزنا من أمهات الجرائم وكبائر المعاصي، وذلك لما فيه من اختلاط الأنساب الذي يبطل معه التعارف والتناصر على إحياء الدين، وفي ذلك أيضاً إهلاك الحرث والنسل، وللزاني هنا حالتين:
الأولى: أن يكون محصن قد تزوج، فيعلم ما يقع به من العفاف عن الفروج المحرمة، واستغنى بها عنها، وأبعد نفسه عن التعرض لحد الزنا، فزال عذره عن جميع الوجوه في تخطي ذلك إلى مواقعة الحرام.
الثانية: أن يكون بكراً، لم يعلم ما يعلمه المحصن، ولا يعمل ماعمله، فحصل له من العذر بعض ما أوجب له التخفيف، بحقن دمه، وزجر بإيلام جميع بدنه بأعلى أنواع الجلد ردعاً عن المعاودة عن التمتع بالحرام، وعوناً له إلى القناعة بما رزقه الله من الحلال.