ماذا يعني تعدد الجراحات وتداخلها وأثره في تقدير الأرش؟

اقرأ في هذا المقال


تعدد الجراحات وتداخلها وأثره في تقدير الأرش:

قد تعددت الجناية على ما دون النفس من الجاني أو غيره، فهل يتعدد الأرش بتعدد الجناية، أم يتداخل ضمن أرش الجنايات الأخرى. عند تتبع عبارات الفقهاء، يتبين أن هناك جراحات يتعدد أرشُها بتعددها، وهناك جراحات لا يتعدد أرشُها بتعددها، وهذا يرجع إلى طبيعة الجناية وموضعها.
وتكون كالتالي:

ديات الأطراف:

  • 1. إذا كانت الجناية على طرفين أو عضوين مختلفين فتجب لكل واحد منهما ديّة مستقلة ولا تتداخل ديّة طرفٍ أو عضوٍ في آخر؛ لأن الفعل في محلين مختلفين يكون جنايتين إذ الفعل يتعدد بتعدد أثرهِ، فصار كجنايتينِ مبتدأتين.
    2. إذا كانت الجناية على بعض الطرف، تتداخل ديته في بعضه الآخر، فلو وقعت الجناية على عضوٍ وأتلفت شيئين في كل واحد منهما الديّة وجبت دية واحدة، فإن كان أرش أحدهما أكثر، دخل الأقل في الأكثر. ومن الأمثلة على ذلك:
    لو جنى على يده فقطع الكف مع الأصابع وجبت ديةً واحدةً لليدّ، أما إذا قطع الأصابع وحدها وجبت الديّة، فإذا قطعت الكف بعد ذلك ففيها حكومة؛ لأن ديّتها دخلت في ديّة الأصابع.
    فلو جنى على إصبعهِ فقطع الأنملة مع الظفر، وجب أرش الأنملة؛ لأن أرش الظفر وهو خُمس دية الإصبع دخل في أرش الأنملة، وهي ثُلث دية الإصبع.

ديات ذهاب المعاني:

إن الجناية التي تذهب أكثر من معنى توجب ديةً مستقلة لكل معنى؛ فلا تتداخل دية معنى في معنى آخر حتى وإن كانت الجناية على محلٍ واحد، وأصل ذلك ما روي أن رجلاً رمى رجلاً آخر بحجرٍ في رأسه فذهب عقله وسمعه ولسانه ونكاحه فقضى فيه عمر رضي الله عنه بأربع دياتٍ وهو حي.
أما إذا كانت الجناية على طرف وأدت إلى ذهاب معناه، تتداخل ديات المعاني في ديات محالها من الأطراف وإن اختلف الفقهاء في محال بعض المنافع، فإذا كان الطرف محلاً لمعنى معين فزال المعنى وحدهُ وبقي الكرف وجبت الديّة في المعنى، وإذا زال الطرف مع المعنى دخلت ديّة الطرف ووجبت ديّةً واحدةً. ومن المثال على ذلك:
لو جنى عليه فقطع لسانه وذهب الذوق مع اللسان وجبت ديّةً واحدة؛ لأن الذوق محله اللسان فلم تجب إلا ديةً واحدة، ورأي بعض الشافعية وجوب ديتين؛ لأن الذوق في غير اللسان.
لو جنى عليه فقطع أذنه وأذهب سمعهُ، فلا تجب إلا ديةً واحدة؛ لأن المنفعة بمحلُ الجناية. ورأى جمهور الفقهاء وجوب ديتين؛ لأن منفعة السمع في غير الأذنين.
جنى عليه فقطع أنفهُ وذهب الشم مع الأنف وجبت دية واحدة؛ لأن الشم محل الأنف فلم تجب إلا ديةً واحدة، ورأى جمهور الفقهاء إيجاب ديتين؛ لأن منفعة الشم في غير محل الجناية.

أروش الجراح والشجاج:

إذا تعددت مواضع الجراح أو الشجاج فلا تتداخل إلا إذا اتصل بعضها ببعض قبل الاندمال بالفعل الجاني أو السراية، ومن الأمثلة على هذا:
لو أوضح آخر موضحتين بينهما حاجز، وجب عليه أرش موضحتينِ؛ لأنهما مُوضحتان، وإن أزال الحاجز بينهما وجب أرش موضحةٍ؛ لأنه صار الجميع يفعله موضحة واحدة، فصار كما لو أوضح الجميع من غير حاجز، وإن تآكل ما بينهما وجب أرش موضحةٍ واحدةٍ؛ لأن سراية فعله كفعله، أما إن أزال المجني عليه الحاجز وجب على الجاني أرش الموضحتين؛ لأن ما وجب بجنايته لا يسقط بفعل غيره. وهكذا في باقي الشجاج الآمةِ والدامغة والهاشمة والمُنقلة.
لو أجافه فجرح أحد الأعضاء الجوفية، وجب على الجاني مع أرش الجائفة حكومة عدل.
لو أجافه جائفتينِ بينهما حاجز، وجب عليه أرش جائفتينِ ثُلثا دية النفس، وإن أزال الحاجز بينهما وجب أرشُ جائفة وهي ثُلث ديّة النفس، وإن أزال الجاني الحاجز بينهما بالسراية صارتا جائفة واحدةً ثُلث الديّة لا غير.

دية الأعضاء الجوفية:

لو جنى على أي من الأعضاء الجوفية سالفة الذكر فأتلف عضواً آخر، لا تتداخل فيه بين الديات فيهما؛ لاختصاص كل عضو من الأعضاء الجوفية باسمه وتركِيبهُ ومَوضعهُ ووظيفته، وبناءً على ذلك:
لو جنى شخص على آخر فأتلف الكِليتين والحالبين، وجب لكل منهما ديّةً مستقلةً.
لو جنى عليه فأتلف الكليتين والغُدتين الكظريتين، وجب لكل منهما ديّةً مستقلة.
لو جنى على الحالبين، فأذهب منفعة الكليتين، وجبت ديّة مستقلةً لكل منهما لاختصاص كل منهما باسمه وتركيبه وموضعه ووظيفتهُ.


شارك المقالة: