عقوبة العزل:
العزل: وهو حرمان الشخص من وظيفته، وحرمانهُ تبعاً لذلك من راتبه الذي يتقاضاه عنها؛ لعزله عن عمله.
مشروعية العزل ومجاله:
قال ابن تيمية: إن التعزير قد يكون بالعزل من الولاية وإن النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه كانوا يُعزرون بذلك. وهي تُطبق في شأن كلِ موظف ارتكب ما لا يحلُ من المنكرات، فيجوز أن يُعزل من وظيفته. وقد بلغ عمر بن الخطاب عن بعض نوابه أنه يتمثّل بأبيات في الخمر فعزله، فإذا كان هذا حال من يتمثل بأبيات في الخمر، فإن العزل من الوظيفة يكون جائزاً لكل موظف يقترف الجريمة. واستحسن ابن تيمية تعزير الشارب مع الأربعين جلدة بقطع خبزه أو عزله عن عمله.
وكل من يخون الأمانة المعهودة إليه من الموظفين يجوز تعزيرهُ بالعزل من ولايتهِ، ومن ذلك:
ولاة أموال بيت المال أو الوقوف، ونحو ذلك، إذا خانوا فيها. ومن يقلد الوظائف العاجز بدون حاجة إليه، أو غير الأمين. ومن يقبل الهدية بسبب العمل. ومن يستخرج من العمال ما يريد أن يختص به هو وذووه. وجباة الأموال الذين يفرقون في المعاملة عن هوى، فيأخذون المال ممّن شاءوا، ويدعون من شاءوا.
وولي الأمر الذي يأخذ الرشوة أو الهدية. ومن يعتدي على رعيته. والجنديُ المقاتل، إذا فرّ من الزحف، قد يُعزر بترك استخدامه في الجيش؛ لأن الفرار من الزحف من كبائر المعاصي. وكل موظفٍ يأخذ المال من الجناة لتعطيل إقامة الحدود، فإن في ذلك تركاً للواجب، وهو إقامة الحدود، وفعلاً للمحرم، وهو أخذ المال الذي يُعتبر سُحتاً. ونائب السلطان أو الأمير الذي يحمي بجاهه مرتكب الجريمة من إقامة الحد عليه. وكل ما تقدم منكرات ومحرمات يُعاقب مرتكبوها تعزيراً وتنكيلاً وتأديباً بقدرِ ما يراه الحاكم.
وقد يكون التعزير بالعزل من الولاة كما كان يفعل ذلك النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه من بعده؛ لأن هذه المحرمات ليس فيها حدّ مقدر ولا كفارة. والقاضي الذي يلي القضاء بالرشوة ينعزل عن القضاء. ومن تصح توليته القضاء فيكون عدلاً ثم يُفسق بأخذ الرشوة أو بغيرها، مثل الزنا أو شرب الخمر، فإنه يستحق العزل وجوباً، وهو ظاهر مذهب أبي حنيفة، ومعناه أنه يجب على السلطان عزلهُ. وقال ابن تيمية عن الأمير إذا فعل ما يستعظم: إنه يعزل من الولاية. ويمكن أن يُقال: إن العزل مجاله كل جريمة يدعو ارتكابها إلى عدم الثقة بالجاني، وإن ذلك متروك لولي الأمر.