محظورات الإحرام:
المحظورات لغة: هي جمع محظورٍ وهو الممنوع، وهو من مرادفات الحرام.
ومحظورات الإحرام اصطلاحاً: هي الممنوعات التي يجبُ على المُحرِم اجتنابها؛ بسبب إحرامه ودخوله في النُّسك.
والواجب على المُحرم أن يجتهد في اجتناب ما حرَّمه الله عليه وقت إحرامه؛ ليسلم من الفسوق والرفث، ويدرك الأجور والأمور المرتبة على الحجّ المبرور.
محظورات الإحرام:
لا يُخلو المحرم فيما يقع فيه من محظورات الإحرام من حالين:
الحال الأولى: أن يقع في شيء من المحظورات جهلاً، أو نسياناً، أو إكراهاً، أو خطأً فلا إثم عليه حينئذٍ، ولا فدية في أرجح قول العلماء؛ لأن هذه الأحوال ممَّا يرتفع بها التكليف، لقول الله تعالى: “ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطانا”(البقرة286) .
الحال الثانية: أن يقع في شيء من المحظورات عالماً مختاراً ذاكراً عامداً، فهذا على صورتين:
1-أن يكون معذوراً في مواقعته للمحظور، فهذا لا إثم عليه، أمَّا الفدية فيلزمه فدية فيما ورد النص بوجوب الفدية فيه مع العذر، كحلق الرأسِ لمرضٍ ما أو أذًى معين.
وما لم يرد فيه فدية فلا يلزمه شيء كما إذا لم يجد نعلاً فلبس خفاً، أو لم يجد إزارا فلبس السراويل، وذلك لما في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات، يقول:“من لم يجد النعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزارا فليلبس سراويل للمحرم”(رواه بخاري ومسلم). ولم يوجب فدية في ذلك.
2-أن يكون غير معذور في مواقعته للمحظور؛ فهذا عليه الإثم، وتلزمه الفدية في ذلك.
ماهي أقسام محظورات الإحرام:
ومحظورات الإحرام تنقسم باعتبار ما يترتب على فعلها أربعة أقسام :
القسم الأول: ما لا فدية فيه، وهو عقدُ النكاح والخطبة؛ فإذا عقد المحرم نكاحاً لنفسه، أو لغيره، أو خطب فإنه آثم بفعله، ونكاحه باطل في قول جماهير أهل العلم خلافاً لأبي حنيفة، ولا يترتب على ذلك فدية؛ لأنه وسيلةٌ وغيره مقصدٌ، والذي يجبر إنما هو المقاصد، ولأنه يقع باطل فلم يوجب الكفارة، كشراء الصيد؛ لأنه لا أثر لوقوعه فإن مقصوده لم يحصل بخلاف الوطء واللباس ونحو ذلك، وكلما وقع على مخالفة الشرع وأمكن إبطاله اكتفي
بإبطاله عن كفارة أو فدية، بخلاف الأمور التي لا يمكن إبطالها وهذا من باب الأقوال والأحكام.
القسم الثاني: ما فيه فديةٌ مغلظةٌ، وهو الجِماعُ قبل التحلُّلِ الأول في الحج، فتجب فيه بدنةٌ: والبُدْنُ،هي ما اكتملَ سِنها من الأنعام وكانت سمينة، لذا جاء بيانُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلم أنه لا يصح أن يُذبح من الأنعام إلا المُسنةُ والتي لا عيبَ فيها بقوله :”لا تذبحوا إلَّا مُسنَّةً، إلا أن تعسرعليكم، فتذبحوا جذعةً من الضَّأن. وعلى هذا يستوي أن تكون البدن من الإبل أو البقر أو الغنم، ويفسد به الحج.
أما إذا كان الجماع بعد التحلل الأول ففيه فدية أذى.
القسم الثالث: ما فيه فدية أذى؛ وهي فدية حلقُ الرأس في الإحرام، وما ألحق به، وقد جاء النص عليها في قوله تعالى: “ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من راسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك”( البقرة196).
وجاء بيان ذلك في الصحيحين من حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه قال:“أتى علي النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، والقمل يتناثر على وجهي، فقال:”أيؤذيك هوام راسك قلت: نعم، قال:فاحلق، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو أنسك نسيكة”(رواه بخاري ومسلم).
فخيَّره النبي صلى الله عليه وسلم بين هذه الخصال الثلاث:هي صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكينٍ نصفُ صاعٍ، أو ذبحُ شاةٍ.
وقد ألحق أكثر العلماء بالحلق بقية محظورات الإحرام كلبس الثياب، وتغطية الراس، وتطييب البدن أو الثياب، وتقليم الأظفار، والإنزال بالمباشرة فجعلوا فيها فدية أذى.
القسم الرابع: ما يجب فيه الجزاء، وهو قتل الصيد؛ فإن الله تعالى قال: “يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره”(المائدة95).
وهذا متفق عليه في الجملة لا خلاف فيه بين أهل العلم .
والجزاء لا يخلو من حالين: ما قضت فيه الصحابة فيرجع إلى قضائهم، وما لم تقض فيه يرجع فيه إلى حكمين عدلين.