ما جاء في وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:
إنّ لكل شخص منّا قدوة في حياته، ونحن كمسلمين قدوتنا في حياتنا هو الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، لأنّ الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام اتصف بكل الصفات الصحيحة التي وهبها الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، فالرسول محمد هو المنهج الصحيح في كل شئ، وأنّ كل ما كان يقوم به النبي هو صحيح لا محاله، فيجب علينا أن نقتدي بكل ما كان يقوم به الرسول محمد.
قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ)…. سورة الأنبياء وقد روي عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أنّه قال: “إنّ الله عز وجل إذا أراد رحمة أمة من عباده قبض نبيها قبلها ، فجعله لها فرطا وسلفا بين يديها ، وإذا أراد هلكت أمة ، عذبها ونبيها حي ، فأهلكها وهو ينظر ، فأقر عينه بهلكتها حين كذبوه ، وعصوا أمره ” .. رواه مسلم.
وقد بكى الصحابي الجليل سيدنا أبو بكر الصديق لقول الرسول محمد عن العبد الذي اختار ربه، فقال الرسول محمد عليه الصلاة والسلام : ” إنّ الله خير عبدا بين الدنيا ، وبين ما عند الله ، فاختار ذلك العبد ما عند الله ” ، حينها بكى أبو بكر رضي الله عنه، رواه البخاري .
وفي يوم وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قيل أن وجه النبي الشريف كان كوجه المصحف، فقد روي عن الصحابي الجليل أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : “آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله، کشف الستارة يوم الاثنين فنظرت إلى وجهه، كأنّه ورقة مصحف – والناس خلف أبي بكر . فكاد الناس أن يضطر بوا، فأشار إلى الناس أن اثبتوا ، وأبو بكر يؤمهم ، وألقى السجف ( الستر ) وتوفي رسول الله من آخر ذلك اليوم “. رواه البخاري ومسلم.
وقد قبض الله روح نبيه الكريم وهو عند السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، فعن السيدة عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – قالت : “قبضه الله ، وإنّ رأسه لبين تحري وسحري ( أرادت أنّه مات في حضنها ) “. رواه البخاري .
وقد توفي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وهو في عمر الثلاث وستين عاماً، فعن ابن عباس – رضي الله عنها – قال : “مکث النبي، بمكة ثلاثة عشرة سنة يوحى إليه ، وبالمدينة عشرا ، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين “. رواه البخاري، وعندما انتقل النّبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى قالت السيدة فاطمة ابنة النّبي الكريم: “يا أبتاه أجاب ربا دعاه، يا أبتاه، من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه”.
وكان موقف الصحابة الكرام رضوان الله عليهم في غاية من الحزن الكبير بوفاة أشرف الخلق، حيث وقف سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد أخَّره (أبعده) خبر وفاة النّبي عن وعيه ( فقد عقله) وكان سيدنا عمر يقول: “إنَّ رجالاً من المنافقين يزعمون أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي، وإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مات، لكن ذهب إلى ربّه كما ذهب موسى بن عمران، فغاب عن قومه أربعين ليلة، ثمَّ رجعت إليهم بعد أن قيل قد مات ووالله ليرجعنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنّه مات”.
فعن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – قالت : “إنّ رسول الله مات وأبو بكر بالسنح ( تعني بالعالية بالمدينة ) فقام ويقول : والله ما مات رسول الله !! فجاء أبو بكر ، فكشف عن رسول الله ، ، فقبله وقال : بأبي أنت ، طبت حيا وميتا ، والذي نفسي بيده ، لا يذيقنك الله الموتتين أبداً ، ثم خرج أبو بكر ، فقال : أيّها الحالف على رسلك ( أي لا تعجل یا عمر ) فلما تكلم أبو بكر جلس عمر ، فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال : ألّا يعبد محمداً ، فإنّ محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله ، فإنّ الله عمر کان لا يموت ، وقال : (إِنَّكَ مَيِّتٞ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ)…. سورة الزمر وقال – تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)…. سورة آل عمران . قال : فنشج الناس ( بکی الناس ) “.
وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله ، يقول وهو صحيح : “إنّه لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة ، ثم يخير بين الدنيا والآخرة “، قالت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها : “لما نزل به – ورأسه على فخذي – غشي عليه ، ثم أفاق فأشخص بصره إلى السقف ، ثم قال : اللهم الرفيق الأعلى، قلت : إذا لا يختارنا ، قالت: وعرفت أنّه الحديث الذي كان يحدثنا به وهو صحيح”، ۱۰- والمعروف أنّ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم توفي في يوم الاثنين في السنة الحادية عشرة بعد أن بلغ رسالته عليه الصلاة والسلام، وأكمل الله تعالى به الدين الحنيف.
متفق عليه .
وكانت هناك العديد من المواقف يوم وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، “فقد حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: آخِرُ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كَشْفُ السِّتَارَةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، فَنَظَرْتُ إِلَى وَجْهِهِ كَأَنَّهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ، وَالنَّاسُ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَكَادَ النَّاسُ أَنْ يَضْطَربُوا، فَأَشَارَ إِلَى النَّاسِ أَنِ اثْبُتُوا، وَأَبُو بَكْرٍ يَؤُمُّهُمْ وَأَلْقَى السِّجْفَ، وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ”.
وقد دفن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في مكان فراشه، وقد اختلفوا في مكان دفنه قبل ذلك، “فقد حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ الْمُلَيْكِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، اخْتَلَفُوا فِي دَفْنِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، شَيْئًا مَا نَسِيتُهُ، قَالَ: مَا قَبَضَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُدْفَنَ فِيهِ، ادْفِنُوهُ فِي مَوْضِعِ فِرَاشِهِ”.