إعطاء الكفارات لغير المسلمين:
إن جمهور أهل العلم أجمعوا على أن كفارة اليمين كغيرها من الصدقات الواجبة لا تعطى لغير المسلمين. فكان آراء جمهور العلماء في ذلك هو كما يلي:
- فعند المالكية: قال سحنون: قلت أرأيت أهل الذمة أيُطعمهم من الكفارة؟ قال: لا يطعمهم منها ولا من شيءِ من الكفارات.
- وعند الشافعية: قال الشافعي: لا يُجزئ أن يطعم في كفارات الأيمان إلا حراً مسلماً محتاجاً، فإن أطعم منها ذميّاً محتاجاً أو حرّاً مسلماً غير محتاجٍ أو عبد رجلٍ محتاجٍ لم يُجزهِ ذلك، وكان حكمه مثل حكم من لم يفعل شيئاً وعليه أن يُعيد.
- وعند الحنابلة: يُشترط في المستحقين لأخذ الكفارة أن يكونوا مسلمين، ولا يجوز صرفها إلى كافرٍ كان أو ذمياً أو حربياً.
والذين اختلفوا في شأنها هم قول الأحناف فيها: - قال أبو يوسف رحمه الله: لا يجوز إلا النُذور والتطوع ودم المتعة. وجه قوله أن هذه صدقةً قد وجبت بإيجاب الله عزّ شأنه، فلا يجوز صرفها إلى كافر مثل الزكاة بخلاف النذر؛ لأنه وجب بإيجاب العبد. وأجاز أبو حنيفة ومحمد إعطاء فقراء أهل الذمة من الكفارات والنذور، لا الزكاة وذلك لعموم قوله تعالى:” فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ” المائدة:89. من غير تفرقة بين المؤمن والكافر. واستثنيت الزكاة بقول النبي عليه الصلاة والسلام لمعاذ حين بعثهُ إلى اليمن: “خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم” أخرجه البخاري.
- قال الكاساني في بدائع الصنائع: ويجوز إعطاء فقراء أهل الذمة من الكفارات والنذور وغير ذلك إلا الزكاة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله. فإذا جازت الصدقة عليهم، وجاز إعطاؤهم الزكاة تأليفاً لقلوبهم، فالأولى أن يجوز إعطاؤهم الكفارات الشرعية لمعنى تأليف القلب.
- وفي تحفة الفقهاء: ولو أطعم فقراء أهل الذمة جاز، وفقراء المسلمين أفضل.
- وفي بدائع الصنائع: وأما ما سوى الزكاة من صدقة الفطر والكفارات والنذور، فلا شكّ في أن صرفها إلى فقراء المسلمين أفضل؛ لأن الصرف إليهم يقع إعانة لهم على الطاعة وهل يجوز صرفها إلى أهلُ الذمة، فقال أبو حنيفة ومحمد: يجوز، وقال أبو يوسف: لا يجوز وهو قول زفر والشافعي.
والذي يبدو لنا أن الأولى صرفها لفقراء المسلمين، ومُستحقيهم، فإذا لم يوجد فقراء مسلمون، أو وجدت مصلحة أخرى جاز صرفها لغير المسلم تأليفاً. ولأن الإسلام قد فرض في الزكاة نصيباً لغير المسلم لمصلحة التأليف، فالكفّارة من باب أولى.