اقرأ في هذا المقال
حكم تشريع الزنا وبيان مفاسده:
إن الزنا هو من أعظم الكبائرعند الله، والتي حرمها بعد الشرك بالله وقتل النفس؛ وذلك لما فيه من ضياع للأنساب وانتشار للفواحش في المجتمع الإسلامي وانتهاكِ حُرمات الله وسبباً للعداوة والبغضاء بين الناس، ويعملُ أيضاً على التفكك الأسري، وإصابة صاحب هذه الفعلة بالأمراض الخطيرة، فلأجل ذلك حرّم الله الزنا؛ لأنه يتنافى مع الطبيعة الإنسانية والفطرة السليمة؛ لأن الشريعة الإسلامية جاءت لجلب المصالح ودرء المفاسد والحفاظ علي الدين والنفس والعرض؛ ولذلك حرم الله الزنا وأمر المسلمين بحفظ الفرج من الزنا وغض البصر والبعد عن الأسباب المؤدية إليه التي قد تحرك كوامن الشهوة وتثير الفتنة والمعاصى.
فقد جعل الله سبحانه وتعالى الابتعاد عن الزنا هو أحد شروط البيعة على دين الإسلام، فقال تعالى:”يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم”الممتحنة:12.
أدلة تحريم الزنا من القرآن الكريم والسنة النبوية:
لقد شرع الله لتحريم الزنا أشكالاً عديدة من الأدلة وقد وضحها الله تعالى في القرآن والسنة وفيما يلي بيانها: من القرآن: قال تعالى:” وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا– يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا– إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا“68-70.
أما السنة: فعن أبي أمامة رضي الله عنه، أن فتىً شاباً أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:” يا رسول الله أتذنُ
لي بالزنى، فأقبل عليه القوم فزجروه وقالوا: مه مه، فقال: أدنه فدنا منه قريباً فجلس، فقال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم. قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم. قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم. قال أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم. قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قَلبه، وحصن فرجه، فلم يَكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء”. رواه أحمد وصححه الألباني والأرناؤوط.
أسباب تحريم الزنا:
يوجد هناك أسبابٌ عديدة خارج هذا الإطار في تحريم الزنا. فقد ذكر البعض علاوة على اختلاط الأنساب ووجود أمراض جسدية مستعصية بسببه، ومن أهمها:
- موافقة هذا التحريم للفطرة الإسلامية التي فطر الله الناس عليها، ومن غيرتهم على عِرض المرأة. فهناك حيوانات في بعض الأحيان تغار على عرضها. فعن عمرو بن ميمون قال: رأيت في الجاهلية قرداً زنا بقردة، فاجتمع القرود عليها، فرجموها حتى ماتت، فإذا كان القرد يغار على عرضه، ويستقبح الزنا، فكيف لا يغار الإنسان على عرضه؟ فأي رجل يقبل أن يجعل زوجته أو ابنته أو أمه أو أخته متاعاً وسلعة مجانية للناس، فقد رضي لنفسه أن ينزل عن مرتبة بعض الحيوانات. صحيح البخاري.
- المحافظة على الأسرة والحياة العائلية، فالزنا يُفسد البيوت ويهدمها، فإذا اتخذ الزوج عشيقة، أو اتخذت الزوجة عشيقاً، فلا بدّ من أنه ستتدمرُ الأسرة وتشتت بسبب هذا الأمر.
- الحفاظ على كيان وكرامة المرأة، فإن سمحت المرأة بالزنا فقد سُلبت كرامتها وانتهكت، وتصبحُ سلعةً رخيصةً ومهانة، فالإسلام جاء من أجل إكرام الناس وبخاصةً المرأة، بعد أن كانت في الجاهلية عبارةً عن متاعاً يورث، ومحلاً للتحقير والإهانة.
- إن الزنا يقتلُ صفة الحياء عند المرء، ويزرع مكانها صفة الوقاحة.
- وجود وحشةً يضعها الله في جوف الزاني وقلبه، وهي نظير الوحشة التي تعلو وجهه، فالشخص العفيف يوجد على وجهه حلاوةً، وبقلبه يكون اأانس، والذين يجالسهم يستأنسون به ويطمئنو له. وهذا يكون بعكس الزاني تماماً.
- فالناس ينظرون إلى الزاني بعين الخيانة والريبة، فلا يستطيع بعض الناس أن يأمنه على أيّ شيء.
- إن الزنا جنايةً على الولد، لانه يعيشُ مع أمه وضيعاً في تلك الحال ومتدهوراً من كل جانب. فبعض الناس يستخفون بولد الزنا.