ما حكم الحج وشروط وجوبه؟

اقرأ في هذا المقال


إنّ فريضة الحجّ من أفضل العبادات وأجلِّ القربات إلى الله تعالى، شرعها سبحانه وتعالى إتمامًا لدينه، وشرع معها العمرة، التي ورد ذكرها في القرآن الكريم إلى جانب فريضة الحجِّ، في قوله تعالى:“وأتموا الحجَّ والعمرة لله “(البقرة:196) .
وسنتعرف في هذا المقال على حكم الحج والعمرة في دين الإسلام وشروط وجوبه.

حكم الحجّ والعمرة:

  • والحجّ حكمه: واجبّ لأنَّه ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة.

ودليل ذلك في الكتاب والسنَّة وإجماع أهل العلم على وجوب الحج على المستطيع في العمر مرَّةً واحدةً،
أمّا الكتاب فقوله سبحانه :“ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً “. (آل عمران:97) .

وأمّا السنَّة فقد ثبت ذلك في أحاديث كثيرة منها حديث ابن عمر رضي الله عنه : ( بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلَّا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً ) متفق عليه.

ونقل الإجماع على الوجوب ابن المنذر و ابن قدامة وغيرهم .
فقال ابن قدامة رضي الله عنه: “وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ فِي الْعُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً”.

أمّا العمرة فقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكمها، فمنهم قائلٌ بأنَّها واجبة على من يجب عليه الحجّ لعدد من الأدلَّة منها حديث عائشة رضي الله عنها أنَّها قالت : ” قلت يا رسول الله: على النساء جهاد؟ قال: ( نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه، الحجُّ والعمرة ) رواه أحمد .

ومنهم قائلٌ بأنَّها ليست واجبة لقوله عليه الصلاة والسلام، وقد سُئل عن العمرة أهي واجبة ؟ فقال:”لا، وأن تعتمروا فهو أفضل”( رواه الترمذي وغيره وقد تنازعوا في صحَّته) .
كما وقع الخلاف أيضاً بينهم في وجوب الحجِّ على المستطيع فوراً أم على التراخي، والأكثر قالوا على أنَّه يجب على الفور فلا يجوز للعبد تأخيره إذا كان مستطيعًا لأمر الله تعالى به في قوله : “وأتموا الحج والعمرة لله” (البقرة 196) وقوله:”ولله على الناس حجُّ البيت من استطاع إليه سبيلاً”( آل عمران: 97) ، والأصل في الأوامر أن يلتزم بها المكلَّف فوراً .

شروط وجوب الحج:

لا يكون الحج واجبًا على المُكَلَّف إلَّا إذا توافرت فيه شروط معينه، وتُسمَّى هذه الشروط (شروط الوجوب)
فإذا توفرت هذه الشروط كان الحج واجبًا على المُكَلَّف، وإلّا فلا يجب عليه، وهذه الشروط هي :

  1. الإسلام:
    فغير المسلم لا يجب عليه الحجّ، ولو أتى به لم يصح منه لقوله تعالى:“وما منعهم أن تُقبل منهم نفقاتهم
    إلَّا أنَّهم كفروا بالله وبرسوله”(التوبة 54)، فالإسلام شرط لصحَّة كل عبادة ، وشرط لوجوبها .

2. التكليف:

وهو أن يكون المسلم بالغًا عاقلاً، فالصَّغير لا يجب عليه الحج لأنَّه غير مكلَّف ، لكن لو حجَّ صحَّ منه لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة التي رفعت إليه صبيًا، وقالت:  ألهذا حج ؟، قال : ( نعم، ولكِ أجر ) رواه مسلم،
لكن لا يجزئه ذلك عن حجّة الإسلام، فيلزمه أن يحج مرّة أخرى بعد بلوغه ؛ أمّا المجنون فلا يجب عليه الحج
ولا يصح منه لأنَّ الحج لا بدَّ فيه من نية وقصد، ولا يمكن وجود ذلك من المجنون .

3. الحرية:

فلا يجب الحج على العبد المملوك؛ لأنَّه غير مستطيع، ولكن لو أراد أنّ يحجّ صحَّ منه، ويلزمه أن يحجّ حجة الإسلام بعد حريته.

4. الاستطاعة:

والإستطاعة تكون في المال والبدن، بأن يكونَ عنده مال يتمكن به من الحج ، ويكون أيضاً صحيح البدن غير عاجز عن أداء المناسك، فإن كان المكلَّف غير قادرٍ لا ببدنه ولا بماله ففي هذه الحالة لا يجب عليه الحج، لعدم تحقُّق شرط الاستطاعة فيه .

وإن كان قادرًا بماله غير قادر ببدنه فيلزمه أن ينيب من يحج عنه لحديث الخثعمية التي جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت:” يا رسول الله، إنّ فريضة الله على عباده في الحج أدْرَكت أبي شيخا كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحجُّ عنه؟، قال: (نعم)” رواه البخاري .

ولا يلزم المُكَلَّف الإستدانة لأجل الحج ، كما لا يلزمه الحجّ ببذل غيره له ولا يصير مستطيعاً بذلك.

والقدرة المالية المعتبرة لوجوب الحج، هي ما يكفيه في ذهابه، وإقامته، ورجوعه ، وأن يكون ذلك فاضلاً عمّا يحتاج إليه لقضاء ديونه، والنفقات الواجبة عليه، وفَضلاً عن الحوائج الأصلية التي يحتاجها من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وما شابه ذلك، فمن كان في ذمته دين حالٌّ لشخص، فلا يلزمه الحج إلّا بعد وفاء ما في ذمته من دين .

وإن احتاج للنكاح وخاف على نفسه المشقَّة أو الوقوع في الحرام، فله أن يقدم الزواج على الحج، وإن لم يخف على نفسه قدَّم الحج على الزواج .

5. وجود المحرم للمرأة:

ومن الاستطاعة أن يكون للمرأة محرم يسافر معها ، فمن لم تجد المَحرم، فالحجّ غير واجب عليها،
وذلك لمنع الشرع لها من السفر من غير محرم، ففي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
” لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلّا ومعها محرم” متفق عليه.
والمحرم زوج المرأة، وكل ذكر تحرم عليه تحريماً مؤبداً بقرابة أو رضاع أو مصاهرة أو ماشابه ذلك .


شارك المقالة: