ما هو أثر الزنا في المحرمية وتحريم النكاح؟

اقرأ في هذا المقال


تعريف المُحرمية:

المحرمية: هي عبارةٌ عن مجموعة من الأحكام التي شرعها الدين الإسلامي الحنيف، والتي كانت تتضمّن أحكام الأسرة، وخصوصاً مسألة النكاح أو ما شابه ذلك.

أثر الزنا في المحرمية وتحريم النكاح:

إن من المتعارف عليه في الشريعة الإسلامية أن طرق انتشار المُحرمية، هي النسب، الرضاع المحرم، والمُصاهرة باتفاق. إن الزنا هو محل خلاف بين الفقهاء في كونه طريقاً من طرق المحرمية أم لا، وهل تنتشر ظاهرة المحرمية، وأثر الزنا في نشر المحرمية بين الزاني والبنت المختلفة من مائه، هل يكون محرماً لها؟ هذا ما سنعرفه في هذا المقال.
إن النسب هو الذي يربط به حُكم المحرمية هنا، فإن قلنا أن ولد الزنا منسوب إلى الزاني، فالمُحرمية تكون بين الأب وابنته وبين أولاد الزاني من الزنا، وأولاده من النكاح، وهذا في حالة أن تكون الأم فراشاً واستلحق الزاني الولد عند من يقول بذلك، أما على رأي الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة فإن النسب منقطع بين الزاني وما تخلق من مائه مطلقاً؛ فيترتب عليه عدم انتشار المحرمية.
– لقد اتفق الفقهاء على أنه يُحرم ولد الزنا على المرأة وعلى جميع محارمها من قريبٍ أو بعيد. فقال ابن الهيثمي: إنهم أجمعوا على أنه يحرم على المرأة وعلى سائر محارمها ولدها من زنا إجماعاً.
– اختلف الفقهاء في أن أثر الزنا في حرمة النكاح من بنت الزنا وفروعها، وبنت ابن الزنا على الزاني وأصوله، وأبنائه من غير الزنا وإخوته وأعمامه، وحُرم نكاح أمهات الزاني وبناته من غير الزنا وخواته، وعماته على ابنه من الزنا، وفروعه، وفروع بنته من الزنا على قولين:
القول الأول: إن من المُحرم على الزاني أن يُزوج ابنته من الزنا، كما تحرم عليه ابنته من النكاح، وكذلك يحرم عليه فروعها، ويحرم عليه بنتُ ابنه من الزنا وفروعها، وهذا كان قول الشافعية وقول عند الحنفية وهو مذهب عند الحنابلة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.

أدلة القول الأول هي:
1. قول الله تعالى:” حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ” النساء: 23.
2. وقوله تعالى:” وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ” النساء: 23.
3. وأيضاً إن تحريم النكاح يُثبت بمجرد الرضاعة؛ فإذا كان يحرم على الرجل أن يَنكح بنتهُ من الرضاع، وهو لا يُثبت في حقها شيء من أحكام النسب، سوى التحريم وما يتبعه من الحرمة.
4. ويدل أيضاً على بلوغ ابنته، فالخطاب إنما جاء باللغة العربية ما لم يُثبت نقل، مثل لفظ الصلاة فيصير منقولاً شرعياً.
5. ولأنها مخلوقةٌ أيضاً من مائه، إذ أنها لا تنسب إليه شرعاً لما فيه من إشاعةِ الفاحشة، فهذا لا يُنفي النسبة الحقيقية.
6. ولأنَها مخلوقة من مائه، فأشبهت المخلوقة من وطء الشبهة.
7. ولأنها أيضاً تعتبر شيءٌ منه، فلا تحل له كبنته من النكاح، وتخلف بعض الأحكام لا يلغي أمر أنها ابنته.
8. وإن البعضية باعتبار الماء؛ وذلك لا يختلف بالملك أو عدم الملك، فالولد المخلوق من المائين فيكون بعض كل واحد منهما، والبعضية هي علة صالحة لإثبات الحرمة؛ لأن الإنسان كما لا يستمتع بنفسه، لا يستمتع ببعضه.
9. إن التحريم أيضاً جاء فيه معنى الزجر، إذا علم أن ماءه يضيع بالزنا، ويتحرزُ عن فعل الزنا، وبذلك يتوجب إثبات الحُرمة؛ لأن معنى الزجر عن الزنا به يحصل، فالشخص إذا علم أنه بسبب الحرام يفوته حلال كثير، فإنه لا يستفيد من من هذه الفتاة لا زوجةً ولا بنناً، ففي هذه الحالة أثبتوا الحرمة ولم يثبتوا النسب.

القول الثاني: يجوز للرجل نكاح بنته من الزنا، وكذلك قريبته من الزنا مطلقاً وقول عند المالكية وقول الشافعية إلا أنهم كرهوا ذلك. قال الشافعي: لو زنا بامرأةً فلا تحرم عليه، ولا على ابنه، ولا على أبيه، وكذلك لو زنا بأم امرأته، وكذلك لو كانت تحته امرأة فزنا بأختها لم يجتنب امرأته، ولم يكن جامعاً بين الأختين.

وأدلة على القول الثاني هي:
1. قوله تعالى:”وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۖ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ۚ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ“النساء آية: 24. وأشار الشافعية على أن بنت الزنا تعتبر أجنبية منه، إذ لا يثبت لها توارثٌ ولا غير ذلك من أحكام النسب، ولأنّ ماء الزنا لا حرمة له.
2. أيضاً إن حرمة الولد هي حكم من أحكام النسب، فيجب أن ينفى من ماء الزاني، مثل الميراث؛ وذلك لأنه عندما ألحقوا النسب بالزانية فقد أوجبوا أن يتبعه بالتحريم مثلما تبعه في الميراث، فيكون هنا تابعٌ للنسب بالثبوت، فتوجب أن يكون له في النفي أيضاً مثل الميراث. فالمعنى هنا أنه لما ثبت َ نسبه وميراثه، فقد ثبت تحريمه، وولد الزنا بخلافه.


شارك المقالة: