ما هو الإيصاء؟

اقرأ في هذا المقال


الإيصاء:

الإيصاء: هو أن يعهد أو يوصي الرجل قبل موته إلى من يثق به بالحفاظ على أولاده، وتنفيذ وصيته، والإشراف على قضاء ديونه، والعمل على ردّ ودائعه أو ما شابه ذلك. تعريف الوصي: إنه الشخص الذي يقوم بالإشراف على شؤون الأولاد، ورد الودائع وقضاء الديون، نيابة عن الميت، وذلك بتكليف منه.

حكم الإيصاء:

حكم الإيصاء: إن الأصل في الإيصاء هو أنه مندوب إليه، ولكنه قد يعتريه ما يجعله واجباً. فقال الأذرعي: يظهر أنه يجب على الآباء الوصية في أمر الأطفال، إذا لم يكن لهم جدّ أهل للولاية، إلى ثقة كافٍ وجيه، إذا وجده، وقد يغلب على ظنه أنه إن ترك الوصية استولى على مالٍ خائن، من قاضٍ، أو غيره من الظلمة، إذ أنه من الواجب عليه حفظُ مال أولاده من الضياع.
فقد روي أن ابن مسعود قد أوصى، فكتب إن حدث حادثُ الموت من مرضي هذا، فمرجعُ وصيتي إلى الله سبحانه وتعالى، ثم إلى الزبير بن العوام وابنه عبد الله؛ ولأن الإيصاء وكالةٌ وأمانة فتشبه الوديعة، والوكالة في الحياة، فإن كلاهما جائز، فهكذا يكون مبدأ الإيصاء.
وقال الباجوري في حاشيته: الإيصاء المذكور سنّة، إلا في قضاء حق عجز عنه حالاً وليس به شهود، فإنه حينئذ، لأن الإيصاء به يؤدي إلى ضياعه.
فقد علمنا أن الإيصاء واجب، فيما إذا كان على الموصي، أو له حقوق يغلب على الظن أنها تضيع إذا لم يعهد بأمر كشفها، وإظهار أمرها إلى من يقوم مقامه، وكذلك إذا خِيفَ على الأولاد الصغار من الضياع أو التعرّض للضرر، فإنه يجب على أبيهم الإيصاء إلى من يثق به ليشرف على شؤونهم، ويرعى مصالحهم. أما إذا لم يكن شيء ممّا سبق، فإن الإيصاء يبقى أمراً مندوباً وعملاً مستحباً.

الحكمة مشروعية الإيصاء:

إن الحكمة من تشريع الإيصاء،ىهي الحاجة إليه وتحقيق مصالح الناس فيه والحفاظ على مصالح الأبناء بعد موت آبائهم. فقد يُشرف الإنسان على الموت، وبينه وبين الناس علاقات مادية، كودائع، وعواري وغير ذلك، وقد يكون عليه ديون يحتاج لمن يشرف على وفائها بعد موته، وقد يكون له أولاد قاصرون ليس لهم القدرة على التصرف بشؤون المال فقد تقتضي المصلحة أن يعين له إنسان كفاية في هذه الأمور، حتى يشرف على ذلك كله، فكان من ذلك أن الإسلام شرّع الإيصاء وحث عليه ورغّب فيه.

أحكام تتعلق بالوصي والإيصاء:

  • ليس للوصي إيصاء إلى غيره، لأن الموصي اختاره هو، ولم يرض بتصرّف غيره، وهذا إذا أطلق الموصي الإيصاء، أو نصّ على عدم التوكيل، أما إذا أذِنَ له بذلك، فإنه لا يُمنع منه أبداً.
  • يجوز في الإيصاء التوقيت والتعليق، فإذا قال الشخص: أوصيت لفلان إلى بلوغ ابني، أو إلى قدوم أخي، فقد جاز ذلك، وكذلك لو قال: إذا متّ فقد أوصيت إليك، فإنه يجوز، لأن الإيصاء يحتمل الجهالة والأخطار، كالوصية، ولأن الإيصاء مثل الإمارة، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم : زيد بن حارثة رضي الله عنه في غزوة مؤتة وقال: إن أصيب زيد، فجعفر، وإن أصيب جعفر، فعبد الله بن رواحة. رواه البخاري.
  • إن الوصية إذا لم توصى إلى اثنين، ولم يجعل لكل واحد منهما الانفراد بالتصرّف، بل شرط اجتماعهما فيه، أو أطلق، فقال: أوصيت إلى زيد وعمرو، لم يكن لأحدهما أن ينفرد بالتصرّف وحده، عملاً بالشرط في الأول، واحتياطاً في الثاني، ولكن لو صرّح الموصي عند الإيصاء بانفراد كل منهما بالتصرّف، كأن يقول: أوصيت على كل منكما، أو لكل واحدٍ منكما وصي، جاز لكل واحد منهما أن يتصرف لوحده منفرداً عن صاحبه، وذلك لوجود الإذن من الموصي.
  • عقد الإيصاء وهو عقدٌ جائز من كلا الطرفين، فيحق للوصي أن يعزل نفسه عن الإيصاء متى ما أراد، مثل الوكالة، إذ هو وكيل عن الموصي، لكن هذا العزل يصحّ إذ لم يتعين عليه القيام بالوصية، ولم يغلب على ظنه، تلف مال الموصي عليهم، باستيلاء ظالم من قاض وغيره على مالهم. فإذا خاف شيئاً من ذلك فلا يجوز له أن يعزل نفسه، ولا ينفذ عزله؛ وذلك رعاية لمصالح الأيتام، ودفعاً للخطر عنهم، وعن أموالهم.
  • يُشترط في الوصاية بأمر الأطفال أن تكون ممّن له ولاية عليهم، كالأب والجد. ولا يجوز للأب أن يُنصب وصيٌّ على الأطفال والجدّ على قيد الحياة بصفة الولاية؛ لأن ولايته ثابتة شرعاً، فليس له نقل الولاية عنه، كولاية التزويج.
    وإذا بلغ الطفل إلى مرحلة البلوغ، ونازع الوصي في الإنفاق، وادّعى أنه أسرف فيه، فصدّق الوصي بيمينه؛ وذلك لأنه مؤتمن. ولو نازعه دفع المال إليه بعد البلوغ، صُدق الولد بيمينه، وذلك لقول الله تعالى:” فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً” النساء:6. ولأنه لا يشق على الوصي أن يقيم البينة على تأدية المال إلى الولد.


شارك المقالة: