ما هو الاعتداء على ما دون النفس؟

اقرأ في هذا المقال


الاعتداء على ما دون النفس:

سنتعرف على الجرائم التي تقع على البدن، ولكنها لا تؤدي إلى إزهاق الروح، وقسم الفقهاء هذا النوع من الجرائم إلى أربعة أقسام ألا وهي:
– فصل الأطراف وما في حكمها.
– إذهاب منافع الأعضاء مع بقاء صورتها.
– الشجاج.
– الجراح.
ولما كان النوعان الأول والثاني فيُعتبران في الحقيقة نوعاً واحداً، إذا إن إذهاب منفعة العضو مع بقاء صورته يُعتبر كفصله حكماً. سنتعرف الآن على موضوع شروط جرائم الاعتداء على ما دون النفس؛ لأنها تصدق على جميع أنواع الجناية على ما دون النفس.

شروط القصاص في جرائم الاعتداء على ما دون النفس:

لما كان القصاص فيما دون النفس كالقصاص في النفس، فيجب فيها التساوي بين الجناية وبين القصاص، فلا يصيبُ الجاني بالقصاص إلا بقدر ما أصاب هو المجني عليه بجنايته، كانت الشروط التي يجب توافرها في القصاص بالقتل العمد في الجملة واجبة في الاعتداء العمدي على البدن الذي لا يؤدي إلى فوات النفس. ومن هذه الشروط ما يلي:

  • أن يكون الجاني عاقلاً بالغاً متعمداً مختاراً.
  • أن يكون المجني عليه معصوماً مطلقاً.
  • وأن لا يكون جزءً من الجاني.
  • وأن تكون الجناية حاصلة بطريق المباشرة.

ولما كان القصاص في النفس يذهب بحياة الجاني، وبذهابِ حياة الجانب لا يبقى شيءٌ يخاف عليه من التلف، أو يظن معه التجاوز في القصاص والتعدي فيه، وهذا بخلاف القصاص فيما دون النفس، إذ إن المطلوب فيه ليس إلا عضواً في الجسم أو جارحةً أو جرحاً على حسب الأحوال، وليس مطلوباً في هذا القصاص ذات نفس الجاني، وكان الجسم وحدة متماسكةً يخشى إذا أجري القصاص في بعضه أن يسري التلفُ إلى أجزاءٌ أخرى، أو إلى النفس ذاتها، وكان التساوي واجباً على ما قدمت دون زيادةٍ أو نقص حتى لا يكون القصاص سبيلاً للظلم أو تعذيبٍ لم يكن في الجناية التي شُرع القصاص بسببها، لذلك فقد قال الفقهاء بشروطٍ أخرى تخصُ الجناية على ما دون النفس، أهمها المماثلة وإمكان استيفاء المثل.
فالمماثلةُ: هي أن يكون المأخوذ بالقصاص كالمأخوذ بالجناية؛ لأن جوارح الجسم مختلفة المنافع والأماكن، فلا تؤخذ مثلاً عينٌ بأنف، ولا تؤخذ يمينٌ بيسار ولا العكس، ولا تؤخذ عُليا بِسفلى، ولا سُفلى بِعُليا وغير ذلك، بل تؤخذ اليمنى باليمنى، واليسرى باليسرى والعُليا بالعُليا والسُفلى بالسُفلى.
أما إمكان استيفاء المثل: هو أن يكون من الممكن إجراء القصاص بالجاني بإحداث مثلِ فعله بالمجني عليه، ويتحققُ ذلك إذا كان القطع منفصل، أو كان له حدّ ينتهي إليه.
وبالتزام هذين الشرطين ينتفي الظلم ويرتفع الحيف، ويتحقق معنى قول الله تعالى: “وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ” ۚ المائدة:45. أما إذا لم تكن هناك مماثلة أو لم يكن المثل ممكن الاستيفاء، فإن القصاص يسقط.

هل يؤخذ العدد الواحد فيما دون النفس:

إن ما حصل فيه الخلاف بين الفقهاء، واختلف الحكم فيه عند البعض عن الحكم في القتل العمد، حالة تعدد الجُناة في الجناية على ما دون النفس. فقد قال أهل الظاهر بأن اليدين أو الأيدي مثلاً، لا تقطع في يد واحدة، وقال الشافعي ومالك :بأن الأيدي تُقطع باليد الواحدة، كما تُقتل عندهما الأنفس بالنفس، ولكن الحنفية فرقوا بين النفس والأطراف، فقالوا بأن الأعضاء لا تقطع بالعضو، ولكن عندهم القتل بأن النفس بالنفس الواحدة. وإن أساس حجة من قال بعدم القصاص في الجريمة على ما دون النفس عند تعدد الجُناة بعدة أمور وهي:
1. إن المماثلة في القصاص فيما دون النفس واجبة، وأخذ يدين مثلاً بيد واحدةً ليست فيه مماثلة؛ لأن اليدين لا تشبهان اليد الواحدة، وكل واحدٍ من الجناة عند التعدد قد يُعتبر قاطعاً لبعض اليد لإمكان تصور التجزؤ في قطع الأطراف، بخلاف القتل، لأن القتل لا يتجزأ.
2. وأن ما دون النفس لا يُقاس على النفس، لأن التساوي غير معتبر في النفس، إذ يؤخذ الصحيح بالمريض، وصحيح الأطراف بمقطوع الأطراف.
3. أيضاً أن الاشتراك الموجب للقصاص في النفس يكثر عنه فيما دونها، فتوجي اختلاف الحكم في الحالتين.
4. أن ما ما دون النفس يأخذ حكم الأموال، فتُعتبر فيه المماثلة كما تُعتبر في إتلاف الأموال.


شارك المقالة: