ما هو التعريض بالقذف؟

اقرأ في هذا المقال


حكم التعريض بالقذف:

اتفق العلماء على أنه إذا صُرّح بالزنا فقد سُمّيَ قذفاً ورمياً، وقد توجّب عليه الحد، فإذا عرّض ولم يُصرّح فقال عنه الإمام مالك قذف. ومن أمثلة التعريض هي أن يقول شخصٌ ما “لا أمي زانيةً ولا أبي بزاني”. وقال مالك: إن حكم التعريض كحكم التصريح، والدليل على هذا، هو أن موضوع الحدّ في القذف هو لإزالة المعرة التي أوقعها القاذفُ بالمقذوف، فإذا حصلت المعرة بالتعريض فقد وجب أن يكون قذفاً مثل التصريح المعمول على الفهم.

التعريض بالقذف:

يقول ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين، إن العبرة في الشريعة، هي المقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، ومن خلال حديثه فقد ذكر مبحث المعاريض في الحدود والحقوق، وذكر نقلاً مستفيضاً عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى إنه يقرر فيه أحكام النبي صلى الله عليه وسلم التي مضت فيما بين العباد من الحدود وجميع الحقوق، على ما يظهرون والله تعالى يدين بالسرائر وضرب لهذا عدداً من الأمثلة، ذكر منها أن الشارع لم يعلق حكم القذف على التعريض بالقذف، وقرر أنه لا يجب بذلك الحدّ.

أدلة الإمام الشافعي:

لقد استدل الشافعي رحمه الله تعالى على نفي الحدّ في التعريض بالقذف بما يلي:

حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: “جاء أعرابي الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، فقال هل لك من إبل قال نعم، قال ما لونها قال: حمر قال فيها من أورق قال: نعم قال: فأنى كان كذلك قال: أراه عرق نزعه قال: فلعل ابنك هذا نزعه عرق “رواه البخاري ومسلم.
ووجه الاستدلال: قال الشافعي” الأغلب على من سمع الفرازي بقول النبي عليه الصلاة والسلام، إن امرأتي أنجت غلاماً أسوداً، وعرض بالقذف إنه يريد القذف، ثم إن لم يحده النبي عليه الصلاة والسلام إذا لم يكن التعريض ظاهراً بالقذف فلم يحكم النبي عليه الصلاة والسلام بحكم القذف.

مناقشة ابن القيم للشافعي:

قال ابن القيم: إن قول الأعرابي” إن امرأتي ولدت غلاماً أسود” فليس فيه ما يدل على القذف لا في الصريح ولا في الكناية، وإنما أخبره بالواقع مستفتياً عن حكم هذا الولد، أيستلحقهُ مع مخالفة لونه للونه أم يُنفيه؟ فأفتى له ولا يقبله على إغماض فأين في هذا ما يُبطل حد القذف”.

دليل ابن القيم على حديث الشافعي، استدل ابن القيم على وجوب الحد بالتعريض بما يلي.

أولاً: وجود المعرةُ بالتعريضِ بالقذف: فقد بين ابن القيم إن التعريض بالقذف هو أوجع وأنكى من التصريح وأبلغ في الأذى. وبيانه عند كل سامع بمنزلة الظهور الصريح، مثل: قول من يشاتمُ غيره أما أنا لستُ بزانٍ، وليست أمي بزانية وهذا الاستدلال من ابن القيم موثق لدى المالكية الذين قالوا بوجود الحدّ بالتعريضِ بالقذف.
ثانياً: حدّ عمر رضي الله عنه لمن عرض بالقذف وموافقة الصحابة عليه رضي الله عنهم.
يقول ابن القيم رحمه الله ببيان الرأي وهو حد القاذف بالتعريض كما أنه قول جماعة من الصحابة والتابعين إنه مؤيد بدلالة القياس عليه، فتطابقَ النقل والعقل، وفي ذلك يقول: وهو محض القياس، كما يقع الطلاق والعتق والوقف والظهار بالصريح والكتابة.

وهذا القياس نجده بعد النظر قياساً مكتملاً لأركانهِ وشرائطه على ما يلي:

1- ذكر المقيس وهو التعريض بالقذف.
2- ذكر المقيس عليه وهو الطلاق مثلاً بالكتابة.
3- العلة كون الكل ألفاظاً يمكن أن يفيد غير الصريح منها ما يفيد الصريح.
4- الحكم وهو ترتيب ما رتب الشارع على كل من الحكم الشرعي من وقوع الطلاق بالكتابة مثلاً ووجوب حد القذف بالتعريض.


شارك المقالة: