كل طلاق أوقعه الزوج يكون دائماً رجعياً إلا في حالات ثلاث وهي: الطلاق قبل الدخول، الخلع، الطلاق المكمل للثلاث والطلاق بالاتفاق والطلاق المملك.
ويكون الطلاق بائناً متى انتهت العدة دون مراجعة الزوجة أو في حالة التطليق قضائياً، باستثناء التطليق لعدم الإنفاق وقد يكون بائناً بينونة كبرى متى اكتملت ثلاث طلقات إضافة إلى الطلاق بالاتفاق أو الخلع أو المملك، وتسري عليه نفس الآثار المترتبة عن الطلاق الرجعي، كما سيأتي باستثناء الرجعة، ولا تعتبر المرأة في حكم الزوجة بل تصبح غريبة عنه، وإن أرادها يجب عليه أن يعقد عليها من جديد بعد موافقتها.
الطلاق الرجعي:
الطلاق الرجعي: هو الطلاق الذي يستطيع الزوج فيه إعادة زوجته إلى عصمته قبل انتهاء عدتها، حيث تستأنف الحياة الزوجية بينهما دون حاجة إلى عقد جديد ويمكن أن يتكرر هذا مرتين، أمّا في المرة الثالثة فإن الطلاق يفصل العلاقة الزوجية حالاً ونهائياً بعد إجراءات دقيقة حددتها النصوص الشرعية.
فالشريعة الإسلامية السمحاء حريصة على بقاء الرابطة الزوجية، فحتى في حالة صدور الطلاق يبقى الباب مفتوح لعودة الحياة الزوجية إلى سابق ودِّها وصفائها، عن طريق المراجعة وقد تقرر هذا المبدأ بنص قرآني كريم في قوله جل جلاله :” والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ، ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر ، وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أراد إصلاحا”، في هذه الآية يتبيّن أن للزوج حق مراجعة زوجته التي دخل بها في العدة، فالطلاق الرجعي هو الذي يوقعه على زوجته التي دخل بها حقيقة، أو حكماً.
الحالات التي يكون فيها الطلاق رجعي:
تنص المادة 122 من مدونة الأسرة على أن” كل طلاق قضت به المحكمة فهو بائن، إلا في حالتين التطليق للإيلاء وعدم الإنفاق” وتُضيف المادة 123 بأن” كل طلاق أوقعه الزوج فهو رجعي إلّا المكمّل للثلاث والطلاق قبل البناء والطلاق بالاتفاق والخلع والمملك”.
ويتضح ممّا سبق أن الطلاق الرجعي يكون في الأحوال التالية :
1. الطلاق الذي يوقعه القاضي بناءً على دعوى الزوجة، التطليق لعدم الإنفاق.
2. التطليق الذي يوقعه القاضي بسبب الإيلاء “التطليق للإبلاء”.
3. طلاق الرجل زوجته باللفظ أو ما يقوم مقامه بعد الدخول الحقيقي.
4. إذا كان الطلاق في غير مقابل عوض ما لي “طلاق الخلع”.
5. إذا لم يكن مكمّلاً للثلاث.
الآثار المترتبة على الطلاق الرجعي:
تترتب عن الطلاق الرجعي آثار هامّة سواء أثناء فترة العدة أو بعدها، حيث تُعتبر المطلّقة رجعياً في حكم الزوجة ويسري عليها ما يسري على الزوجة إلا المسيس، فإذا ضبط الزوج زوجته متلبّسة بالخيانة داخل العدة مثلا يمكنه
أن يتابعها لأنها في حكم الزوجة.
- إنّ الطلاق الرجعي (يُنقص من عدد الطلاقات التي يملكها الزوج على زوجته).
- يصبح طلاقا بائناً وينهي الحياة الزوجية، بانتهاء العدة دون مراجعة الزوج لزوجته.
- الطلاق الرجعي لا ينهي الرابطة الزوجية ولا يزيل ملك الاستمتاع ويعتبر بذلك مراجعاً لها.
- لا يجعل المطلقة محرمة على زوجها بأي سبب من أسباب التحريم، فهي في حكم الزوجة.
- إذا مات أحدهما قبل انقضاء العدة ورثه الآخر.
- يستمر في الإنفاق عليها إلى حين انتهاء العدة.
- لا يحل به مؤخّر الصداق لبقاء الزوجية حكماً.
- لا يلزم بمهر جديد عند الرجعة، فهي في حكم الزوجة، ولا يمكن إمهارالزوجة مرتين.
- يحق للزوج أن يعيدها لنفسه من جديد متى شاء ودون عقد جديد.
- تقضي المطلقة العدة في بيت الزوجية لأنه من مشمولات النفقة.
نستنتج ممّا سبق أن المطلقة تعتبر في حكم الزوجة، حيث يمكن للزوج، أن يراجعها متى شاء في فترة العدة إلا أن المشرع المغربي حدد الإجراءات الضرورية للرجعة من حيث الإشهاد على ذلك. وعلى هذا الأساس فإذا أراد الزوج مراجعة زوجته، وقبل انتهاء العدة حيث لا مجال للرجعة بعد ذلك بأن الطلاق يصبح بائناً.
والإشهاد على الرجعة فيه اختلاف بين الفقه، حيث يذهب الرأي الغالب عند الفقهاء المالكية إلى عدم اشتراط الإشهاد في حالة الرجعة، ولكن من باب الاستحباب يمكن الإشهاد لدرء الشبهات، بإثباتها.
أمّا مدونة الأسرة فقد اشترطت الإشهاد على ذلك من طرف عدلين، وقد أحسن صنعاً لتوثيق الرجعة وإثباتها
ووضع حد للنزاعات الناشئة في هذا الباب، وهكذا فإن العدليين يخبران القاضي فوراً، هذا الأخير قبل الخطاب على وثيقة الرجعة، يستدعي الزوجة ويخبرها بذلك وتعود لزوجها، وتستمر الحياة، حيث تعود الحالة إلى ما كانت عليه قبل الطلاق، وقد توافق الزوجة، بأن الحكمة من الرجعة هي التأمل وربما للندم، ممّا يجعل الزوجان يندمان على الافتراق لكن وقد يقع العكس، حيث ترفض الزوجة الرجوع إلى زوجها الأول كونه يُسيء لها، فلا ترى ضرورة العودة في هذه الحالة، خوّلها المشرع الالتجاء لمسطرة الشقاق.