القتل الجاري مجرى الخطأ:
إن في القتل الخطأ يكون المتهم مقدمٌ على شيء، ولكنه يُخطئ في الفعل أو في القصد فتقعُ الجريمة، فحصل هناك قصد على كل حال. أما إذا لم يكن الجاني يقصدُ شيئاً، والجريمة قد حصلت من غير قصد، وكانت علاقة السببية بين فعلُ الجاني والجريمة التي حدثت مباشرة، فذلك يسمّى بالقتل الجاري مجرى الخطأ، ويأتي أيضاً بمعنى القتل الخطأ في كل وجه، لحصوله فعلاً عن غير قصد إلى القتل.
التمثيلُ له: إن المثال على النوع من القتل أن ينقلب شخص نائم على شخص آخر بجانبه فيقتلهُ، أو يسقط إنسان من سطحٍ على آخر بالطريق فيقتلهُ، أو يسقط منه متاعٌ يحمله فيقتل آخر، سواء أكان القتلُ ناشئاً من وقوع ذات الحمل على المجني عليه، أو من التدعثُرِ به بعد الوقوع؛ لأن حمل الأمتعة في الطريق مباح، ولكن بشرط السلامة، كما هو الشأن في الرمي إلى الصيد أو الهدف، وإنما دخل هذا القتل في القتل الجاري مجرى الخطأ؛ لأن الحمل الذي كان يحملهُ الجاني وصل لبشرة المجني عليه فقتله، وعلاقة السببية تُعتبر هنا مباشرةً، ومن هذا النوع أيضاً أن يحصل القتل من دابة يركبها الجاني في الطريق، تُصيبُ آخر فتقتلهُ؛ لأن الدابة تُعتبر كالآلة تحت الجاني، فيُضافُ ثُقلها لثقل الراكب، فيكون القتل قد حصل على سبيل المباشرة، وكان في مكنة الجاني بنوع احتياط أن يتحرز عن الفعل الذي أدى إلى القتل.
حكم القتل الجاري مجرى الخطأ:
إن القتل الجاري مجرى الخطأ، يُعتبر في معنى القتل الخطأ من كل وجه، ولذلك تسري عليهِ أحكامه، من دية وكفارة وحرمان من الميراث والوصية. أما وجوب الدية، فلأن هذا النوع من القتل يُعتبر من القتل الخطأ، وأما وجوب الكفارة وحرمان الميراث والوصية، ولكون علاقة الأمر هنا السببية هي مباشرةً بين فعل الجاني وبين القتل الذي حصل.
أركان القتل الجاري مجرى الخطأ:
لقد ذهب قسم من الفقهاء المحدثين مثل المرحوم عبد القادر أن القتل الذي يجري مجرى الخطأ له ثلاثة أركان:
1- فعل يؤدي لوفاة المجني عليه.
2- أن يقع الفعل خطأ من الجاني.
3- أن يكون بين الخطأ ونتيجة الفعل رابطة السببية.
وأما أركان القتل الجاري مجرى الخطأ فلا شك أن هذه هي أركان قتل الخطأ نفسها؛ لأن السادة الفقهاء الذين قالوا به أعطوه نفس حكم الخطأ في الآثار المترتبة عليه، فمن هنا يمكننا أن نستنتج أن أركان هذا النوع من القتل هي: القاتل. المقتول. الفعل المؤدي إلى القتل. وجود الخطأ في الفعل. الرابطة السببية بين الفعل والوفاة.