ما هو النكاح في الإسلام؟

اقرأ في هذا المقال


النكاح:

للنكاح ثلاثة معان:

المعنى الأول في اللغة: وهو الوطء والضم، فيقال: تناكحت الأشجار أي بمعنى تمايلت، وأنضم بعضها إلى بعض
ويُطلق على العقد مجازاً لأنهُ سبب في الوطء.
المعنى الثاني الأصولي: ويقال له المعنى الشرعي: وقد اختلف العلماء فيه على ثلاثة آراء:

  • إنَّه حقيقيةٌ في الوطء، ومجازٌ في العقد كالمعنى اللغوي من كل وجه، فعندما ورد النكاح في الكتاب والسنة بدون قرينة يكون معناه الوطء، كقوله تعالى:” وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا“النساء:22.
  • إنَّه حقيقة في العقد مجاز في الوطء، عكس المعنى اللغوي، ويدل لذلك كثرة وروده بمعنى العقد في الكتاب والسنة، ومن ذلك قوله تعالى:” حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ۗ “، البقرة:230. وذلك هو القول الأرجح عند الشافعية والمالكية.
  • إنه مشترك لفظي بين العقد والوطء، وقد يكون هذا أظهر الأقوال الثلاثة؛ لأنَّ الشرع تارة يستعمله في العقد وتارة يستعمله في الوطء بدون أن يلاحظ في الاستعمال هجر المعنى الأول، وذلك يدل على أنه حقيقة فيهما.

أما المعنى الثالث للنكاح فهو المعنى الفقهي، وقد اختلفت فيه عبارات الفقهاء، ولكنَّها كلها تعود إلى معنى واحد وهو: أن عقد النكاح وضعه الشارع ليرتب عليه انتفاع الزوج ببضع الزوجة وسائر بدنها من حيث المتعة، فالزوج يملك بعقد النكاح هذا الانتفاع ويختصُ به ولا يملك المنفعة، والفرق بين مُلك الانتفاع، ومُلك المنفعة هو أن ملك المنفعة يستلزم أن ينتفع الزوج بكل ما يترتب على البَضعُ من المنافع.

النكاح شرعاً: هو عقد التزويج؛ أي أنه تعاقدٌ بين رجل وامرأةٍ بموافقة وليّها، ويقصد بذلك استمتاع كلٌ منهما بالآخر،وتكوين أسرة صالحة ومجتمعٌ سليم.

الحكم الإجمالي للنكاح:

إختلف الفقهاء في حكم النكاح بشكل عام إلى فريقين:
الأول: النكاح مستحب غير واجب للرجال والنساء، وبه قال الحنيفة، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والليث بن سعد والأوزاعي، واستدلُّوا على رأيهم بقوله تعالى:” وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ۚ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُم ۚ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۚ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ۚ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ ۚ وَأَن تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” النساء:25.

الثاني:النكاح واجب: وهو رأي الظاهرية، واستدلوا على رأيهم بمايلي:”قال الرسول ــ صلّى الله عليه وسلم ــ: “يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء”. فالأمر هنا يقتضي الوجوب.

الحكم التفصيلي للنكاح:

ينقسم النكاح إلى عدة أحكام وهي:

  • الوجوب: ويكون النكاح واجباً لمن تاقت نفسه إلى النساء، ويخشى على نفسه الوقوع في الزنا،وعنده القدرة على الزواج؛ أي زواج بقصد التحصُّن.
  • الندب: ويكون النكاح مندوباً، عندما يُقصد به التناسل، أي لمن أراد النسل.
  • الإباحة: ويكون النكاح مباحاً للشخص الذي تتوق نفسه إلى النساء، ولا يخشى على نفسه الوقوع في الزنا.
  • محرم: ويكون النكاح حراماً لمن تأكد وعلم بأنّ هذا الزواج يُلحق أذاً وضرراً بزوجته، وأن نفسه لا تتوقُ إلى النساء، ولا يخشى على نفسه الوقوع في الزنا، كما لو كان مزاجهُ صعباً، ويتوقع منه أنّ يضرب زوجه ويلحق بها الضرر.

ماهي حكمة مشروعية النكاح؟

لقد شرع الله تعالى النِكاح لحكمٍ ساميةٍ ويمكن بيانها وتفصيلها بما يلي:

  1. إعفاف الفروج: أيّ أنّ الله تعالى خلق هذا الإنسان، وأوجدَ في كيانه الغريزة الجنسية، فشرعَ الله تعالى لها الزواج من أجل إشباعِ هذه الرغبة بالحلال وعدم العبث بها.
  2. شرع النكاحُ أيضاً لحصول السكن والأُنس بين الزوجين، وحصولهم على الراحة الاستقرار بينهما، فقال الله تعالى في كتابه العزيز:” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ“، الروم:21.
  3. بالنكاحِ أيضاً تُحفظ الأنساب، ويترابطُ الأقرباء والأرحام بعضهم ببعض، فالزواج الذي شرعه الله تعالى يفتخر به الأولاد بانتسابهم إلى آبائهم؛ لأن في هذا النسب يكون اعتبارهم الذاتي.
  4. بقاء النسلُ البشري، وتكثير عند المسلمين؛ لإغاظة الكفار بهم، ولنشر دين الله تعالى وتقوية وحدة الأمة الإسلامية.
  5. المحافظة على المجتمع من الانحلال الأخلاقي من الهبوط، والتردي والوقوع في هاوية الزنا، والعلاقات غير المشروعة والتي تودي إلى الشُبهات.
  6. السكن الروحي والنفسي: بالزواج تنمو بين الزوجين روابط المودة والرحمة والتآلف، ويجد كل منهما سعادته في ظل الآخر.

كيف يكون اختيار الزوجة:

يُسنُّ نكاح المرأة ذاتُ الدين والعفاف والأصلُ الطيبِ والحسبِ والجمال، وذلك لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:”تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تَرِبَتْ يَدَاكَ”. فيحرص على ذات الدين في الدرجةِ الأول، ويجعل ذلك أساس الاختيار لا غيره، ويُسن أيضاً اختيار الزوجة الولود، لحديث أنس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:“تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة”. ويُسن اختيار البكر؛ لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له:”فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك”، إلا إذا كانت هناك مصلحة تُرجّح نكاح الثيب، فيقدّمها على البكر؛ ويختار الجميلة؛ لأنها أسكن لنفسه، وأغضُ لبصره، وأَدعى لمودته.


شارك المقالة: