ما هو اهتمام الرسول الأعظم بعلامات الساعة؟

اقرأ في هذا المقال


اهتمام الرسول الأعظم بعلامات الساعة:

إنّ علامات الساعة وأشراطها تُعتبر من العلوم الهامة التي اهتمت بها السنة النبوية، وهذا يتضح من الكم الهائل للآثار الواردة فيها، ولعل ما يبرز مدى اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام بهذا العلم ما تشير إليه الأحاديث التالية:
أولاً: إنّ أمين السماء جبريل عليه السلام ينبه الأمة إلى ضرورة معرفة علامات الساعة، وأهمية السؤال عنها:
عن ابن عمر عن عُمر بنِ الخَطَّاب قَال: بَينَما نحْن عِند رَسولِ الله صلَّى الله عَلَيه وَسَلمَ ذَات يوم، إِذْ طلَع عَلَينا رجل شدِيد بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَفَرِ، وَلا يَعرِفُهُ منا أَحد، حَتى جَلَس إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيه وَسَلَّمَ، فَأَسنَدَ ركبَتيه إِلَى ركبَتيه، وَوَضَعَ كَفَّيه عَلَى فَخِذَيه، وقَال: يا محمد أَخبرنِي عن الإِسلام، فَقَال رسول الله صلى الله عَلَيه وَسَلَّمَ:”الإِسْلامُ أَن تَشهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وأَن مُحَمَّدًا رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّم، وَتُقِيم الصلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، قَال: صَدَقْت، قَال: فَعَجِبنَا لَه يَسْأَلُه، وَيُصَدِّقُه، قَال: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَانِ، قَالَ: أَن تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِه وَكُتُبِه وَرسله وَاليَومِ الآخِر، وَتُؤمِن بِالْقَدر خَيْرِه وَشَرِهِ، قَال: صَدَقْتَ، قَال: فَأَخْبِرنِي عنِ الإِحسان، قَال:أَن تعبد اللهَ كَأنَك تراه، فَإِن لَمْ تَكن تراه فَإِنه يراك، قَالَ: فَأَخبِرنِي عَنِ السَاعة، قَالَ: ما الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعلَم مِن السائِل، قَال: فَأَخبِرنِي عَن أَمارتها، قَال: أَن تَلِدَ الأَمة رَبَّتهَا، وَأَن تَرى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاء الشَاء يَتَطَاوَلُون في الْبُنيَانِ، قَال: ثُمَّ انطَلَق فَلَبِثت ملِيا، ثُمَ قَال لِي: يا عمَر أَتَدرِي مَنِ السَّائِلُ؟ قُلْت: الله وَرسولُهُ أَعلَم، قَال: فَإِنَّهُ جِبرِيل أَتَاكُم يُعَلِّمكُم دِينَكُم. رواه مسلم.
الشاهد في الحديث:
الحديث يشير إلى نزول جبريل عليه السلام لتعليم الأمة أمور دينها، ويلحظ من سياق الحديث أن جبريل عليه السلام قد اقتصرَعلى الأستفسار عن الخطوط العامة للدين الإسلامي؛ لذا سأل عن الإسلام والإيمان والإحسان، وهي أمور معلومة من الدين بالضرورة، وإنما جاء السؤال عنها بالبيان بأن تحقيقها في حياة المسلم هو الأهم في الدين الإسلامي.
ثم عقب على ذلك بالسؤال عن الساعة وعلاماتها، وفي هذا إشارة إلى أهمية هذا العلم وضرورة تعلمه والسؤال عنه، وتأتي أهميته بعد أهمية تعلم أركان الإسلام والإيمان، وإلا لما ذكره جبريل عليه السلام بعدهما مباشرة، ولذكر ما هو أولى منه إن وجد.
ثانياً: يوم دراسي طويل لتعليم الصحابة الكرام كل ما يستجد على الأمة.عن حذيفة رضي الله عنه قال: “قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مَقَامًا، ما تَرَكَ شيئًا يَكون في مَقَامِهِ ذلكَ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ، إلَّا حَدَّثَ به، حَفِظَهُ مَن حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَن نَسِيَهُ، قدْ عَلِمَهُ أَصحَابِي هَؤُلَاءِ، وإنَّه لَيَكونُ منه الشَّيْءُ قدْ نَسِيتُهُ فأرَاه فأذْكُره، كما يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إذَا غَاب عنه، ثُمَّ إذَا رآهُ عَرَفَهُ”رواه مسلم.
الشاهد في الحديث:
قيام النبي صلى الله عليه وسلم مقاماً طويلاً يتحدث فيه عن علامات الساعة كما دل عليه حديث حذيفة، وهذا المقام بينه حديث عمرو بن أكثم أنه من صلاة الصبح إلى غروب الشمس، وهو مقام طويل جداً لم يعهد مثله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ حيث عهد عنه أنه كان يتخول صحابته الكرام بالموعظة مخافة السآمة، وكانت مواعظه في الغالب قصيرة، ولكنها تحتمل المعاني الكثيرة وكيف لا وقد أوتي جوامع الكلم.
في هذه الأحاديث إشارة ضمنية إلى مدى رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمته ووفور شفقته عليهم، ومدى حرصه على تبليغ الأمانة كما نزلت عليه، فهو لا يدخر جهداً في بيان ما خفي عليها في مستقبلها لتكون على بينة من أمرها في ما يجد عليها.
هذه الأحاديث تشير إلى مدى اهتمام الصحابة بهذا العلم؛ ولعل كثرة أسئلتهم وشدة تهمهم لأستشرافِ المستقبل وما يجدُ على الأمة من أحداث هي التي شجعت الرسول الكريم على إطالة المقام فيهم، فهو يعلم من دلالة حالهم أنه مهما طال المقام فإن الصحابة لن يسأموا، بل سيزدادون تهماً و طلباً للمزيد، ومهما طال المقام،فإنه سيجد آذاناً صاغيةً وأعيناً متفتحتةً، وقلوباً أشد تفتحاً ولئن احتاج الصحابة الكرام إلى مثل هذا اليوم لدراسة علامات الساعة، إضافة إلى غيره من المجالس المتعددة.


شارك المقالة: