ما هو تعريف الزكاة في الإسلام؟

اقرأ في هذا المقال


الزكاة في الإسلام:

الزكاة لغة: يُعرف أصلُ الزكاة في اللغة بأنّها الطهارةُ والنماء وكذلك البركة والمدح، وأنّ كلّ ذلك قد استعمل في القرآن والحديث. والزكاةُ في اللغةِ أيضاً: هي الزيادة والنماء، فيُقال: زكّا الزرع أي نما وزاد، وأنّ جمعُ الزكاة هو زكوات.

والزكاة في اللغةِ أيضاً: هو الصلاح، فقال الله تعالى: “فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا” الكهف:81. قيل: خيراً منهُ عملاً صالحاً. وقال تعالى: “وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا” النور:21. أي بمعنى ما صلح منكم. وقوله تعالى: “وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ” النور:21. أي يصلحُ من يشاء، وقيل لما يُخرج من المال للمساكين وغيرهم:”زكاةٌ”؛ لأنه تطهير للمال، وتثميرٌ له، وإصلاحٌ ونماء بالإخلاف من الله تعالى، فتُعتبر الزكاةُ طهرٌ للأموال، وزكاةٌ الفطر طهرةٌ للأبدانِ.

أنواع الزكاة:

إنّ للزكاة ثلاثةُ أنواعٍ وهي: زكاة النفس، وزكاة البدن، وزكاة المال.

النوع الأول: وهي زكاةُ النفس:

فقال الله تعالى: “ونَفسٍ ومَا سَوَّاها- فألهَمَهَا فُجورها وتقواها- قد أفلَحَ من زَكّاها” الشمس:7-9. وتزكيةُ النفس: هي تطهيرها من الشرك، والكفر، والنفاق، والذنوب والمعاصي، والأخلاق الذميمة. وتُساعد زكاةُ النفسِ على إصلاح القلوب والنفوس، حيث أن النفس أمارةً بالسوء، وتحتاجُ دائماً إلى التزكيةِ، ففي قوله تعالى: “قدّ أفلحَ من تَزَكّى- وذَكرَ اسم ربهِ فصلّى- بل تؤثِرونَ الحياة الدنيا- والآخرةُ خيرٌ وأبقى” الأعلى:14-17.

وتُساعدُ زكاة النفس أيضاً على الخير والتخلص من السوء الذي في النفس والإحسانِ على الآخرين، فقال تعالى: “أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلً” النساء:49.

 أهمية زكاة النفس:

إنّ لزكاة النفسِ أهميةً كبيرةً من حيثُ أنّها تُعتبر من أشدّ أعداء الإنسان وتزكيتها، ويُساعدُ على تطويعها والحِفاظ على طهارتها ونقائها، وتُساعدُ على التقليل من الوقوعِ في الآثامِ والتفريط في حق الله تعالى، وتزكيةُ النفسِ أيضاً تُعتبر من الطرق التي تُساعد العبد على رضا الله ودخولهِ الجنة، فقال تعالى: “وأمّا من خافَ مقامَ رَبّه ونَهَى النفَسَ عن الهوى” النازعات:40.

النوع الثاني: زكاة البدن:

وتُعتبرُ زكاةُ البدن فريضة على كلّ مسلم عليه ومن عليه نفقتهم إن كانوا مسلمين، بشروطٍ مخصوصة. وهي أحدُ قسمي الزكاة؛ وذلك لأنّ الزكاة إمّا أن تكون زكاةُ بدن أو تكون زكاة مال. فزكاةُ البدن هي زكاة الفطر، وسُميت كذلك لأنّ وجوبها  يكون بدخول الفطر بعد صيام شهر رمضان، فتُعتبر أيضاً تزكية للنفس أي تطهيرٌ لها وتنمية لعملها وقد فرضت في السنة الثانية من الهجرة عام فرض صوم رمضان على المشهور. وفي خبر الصحيحين عن ابن عمر رضي اللّه عنهما: “فرض رسول اللّه صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير”.

النوع الثالث: زكاة الأموال:

وزكاة الأموالِ هي ركنٌ من أركان الإسلام، وهي قرينةُ الصلاة، وهي طهرةً للأموال، والنفس وبركةٍ في الأموال والأنفس وبركةٍ في الأموال والأنفس. وتأتي أيضاً بمعنى المدح، يُقال: زكّى نفسهُ إذا مدحها ووصفها وأثنى عليها، فقال الله تعالى: “فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ” النجم:32. فيُقال: زكّى القاضي الشهود إذا مدحهم وعدّلهم. ودليلُ وجوب زكاة المال في القرآن والسنة والإجماع:

فقال تعالى: “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” التوبة:103. وتفسير هذه الآية هو كما يلي: وقال الشافعي: وإنّما أمرهُ أنّ منهم ما أوجب عليهم. وقال ابن كثير: أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يأخذ من أموالهم صدقةً يُطهرهم ويزكيهم بها، وهذا عام وإن أعاد بعضهم الضمير في “أموالهم” إلى الذين اعترفوا بذنوبهم وخلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً؛ ولهذا اعتقد بعض مانعي الزكاة من أحياء العرب أن دفع الزكاة إلى الإمام لا يكون، وكان هذا خاصاً برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكان دليلهم على ذلك قول الله تعالى:“خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إنّ صلاتك سكن لهم” وقد ردّ عليهم هذا القول والفهم الفاسد: هو الصديق أبو بكر وجميع الصحابة، وكانوا يقاتلونهم حتى أدوا الزكاة إلى الخليفة، كما كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قال الصديق: “والله لو منعوني عقالاً، وفي رواية: عناقاً يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقاتلنهم على منعه”.

والخلاصةُ هو أنّ أصل“زكّا” هي الزيادة والنماء  وكلُ شيءٍ زاد فقد زكا. ولمّا كان الزرع لا ينمو إلّا إذا خلص من الدغل كانت لفظة الزكاة تدلُ على الطهارةً أيضاً. وإذا وصف الأشخاص بالزكاة بمعنى الصلاح، فإنَّ ذلك يرجع إلى زيادة الخير فيهم.

تعريف الزكاة شرعاً:

أمّا الزكاة في الشرع الإسلامي: وهي حقٌ يجبُ في المال. وقيل أنّها حقٌ واجب في مالٍ خاص، لطائفةٍ مخصوصةٍ في وقتٍ مخصوص. وقيل: هو عبارة عن جزءٍ معلوم من المال النامي، إذا بلغ نصاباً في مصارفَ مخصوصة. وقيل أيضاً أنّها حصة من المال وغيرهُ يوجب الشرع بذلها للفقراء وغيرهم بشروطٍ مخصوصة. وقيل أنّ الزكاة: هي عبارة عن إيجابِ طائفةٍ من المال في مالٍ مخصوص لمالكٍ مخصوص. وقيل أنّ الزكاة هي نصيبٌ مقدّر شرعاً في مالٍ معين يُصرف لطائفةٍ مخصوصةٍ. وقيل أنّ الزكاة أيضاً هي التعبد لله تعالى بإخراجِ جزءٍ واجب شرعاً في مال معين لطائفةٍ أو جهةٍ مخصوصة. وقيل أيضاً أنّ الزكاة بأنّها حقٌ يجب في أموالٍ مخصوصة على وجهٍ مخصوص، ويُعتبر في وجوبه الحول والنصاب.

وقيل: الزكاة شرعاً: هي حقٌ واجبٌ في مالٍ مخصوص، لطائفةٍ مخصوصة، في وقتٍ  مخصوص. ولكن التعريف الذي يشمل جميع هذه التعريفات التي تقدمت هو: أنّ الزكاة هي التعبدُ لله تعالى بإخراجِ حق واجب مخصوص شرعاً، من مالٍ مخصوص في وقتٍ مخصوص لطائفةٍ مخصوصة بشروطٍ وخصوصة.

والزكاةُ الشرعية قد تسمّى صدقة في القرآن الكريم والسنة المطهرة والأدلة على ذلك من القرآن والسنة.

أمّا من القرآن: فقال تعالى: “وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ” التوبة:58. وقال تعالى: “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” التوبة:103. وقال تعالى أيضاً: “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” التوبة:60.

أمّا أدلة السنة: وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم لما بعث معاذ إلى اليمن بيّن له فقال: “فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردُ على فقرائهم” متفق عليه. وفي حديث جابر وأبي سعيد رضي الله عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام: “ليس فيما دون خمس أواقٍ من الورق صدقة” رواه البخاري.

والصدقة: هي العطيّة التي يُبتغى بها الثواب عند الله تعالى. فقال العلامة الراغب الأصفهاني: إنّ الصدقة هي ما يخرجهُ الإنسانُ من ماله على وجه القربة، مثل الزكاة، لكنّ الصدقة في الأصل تقال للمتطوع به، والزكاة للواجب، وقد يسمّى الواجب صدقة إذا تحرّى صاحبها الصدق في فعله.


شارك المقالة: