ما هو حكم الاختلاط في الإسلام؟

اقرأ في هذا المقال


حكم الاختلاط في الإسلام:

ليس هناك نهيٌ صريح عن اختلاط الرجال بالنساء؛ وذلك لأنّ الاختلاط يختلف حكمهُ على حسب الحال وحسب الظرف، ولكن وُجد هناك عبارات غريبة في التحذير من الاختلاط، والانتباه من خطورته، وهذا في عبارات المتأخرين.

ولا يوجد هناك عبرة لوجود مصطلح مفهوم في النصوص الشرعية، فهناك مفاهيم فقهية كثيرة حادثة لك يكن لها اسمٌ محدد في القرون الأولى، ولا يمنع ذلك منأنٌ يُطلقونها ويدرجونها في الأحكام التكليفية وهي: التحريم والكراهة والإباحة والاستحباب والوجوب. أو الأحكام الوضعية مثل الصحة والفساد.

ومعنى كلمة اختلاط الرجال بالنساء: أي اجتماع كل من الرجل والمرأة الأجنبية في مكانٍ واحد.

حكم اختلاط النساء بالرجال الأجانب:

لا ينغلبُ على الظن بأنّ اختلاط النساء بالرجال في الأماكن المحصورة مثل المساجد والمستشفيات والدوائر الحكومية فيها مظنةٌ للفتنة، ولذلك ورد الشرع بالتحذير من ذلك، وبرسم الضوابط المانعة من وقوع الخطر، ومن نظر في شريعة الله تعالى يجد أنّها أوصدت كل الأبواب المؤدية إلى الاختلاط، وسدت الذرائع لذلك، وحمت المجتمع من الفاحشة والرذيلة بتشريعات ربانية تبقي على المجتمع عفته وطهارته ونقاءه، واستقامة أسره، وصلاح بيوته ما دام أفراده قائمين بأمر الله تعالى، ممتثلين لشرعه، مستسلمين لنصوص الكتاب والسنة، ولم يسمحوا للمفسدين أن ينخروا ذلك السياج الربَّاني بين الرجال والنساء، ومع ذلك فإنّنا في هذا الملف العلمي نستعرض أدلة من قال بحرمة الاختلاط، وكيف بنوا الحرمة، وننظر في رأي من قال بالجواز مع ما استدلوا به من أدلة.

أدلة على من أجازوا الاختلاط:

عن أم صبية الجهنية قالت اختلفت يدي ويدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد، رواه أبو داود. قالوا: أن هذهِ المرأة ليست محرماً للنبي صلى الله عليه وسلم.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: خَرجت سَودَة بنت زَمعَةَ لَيلاً، فَرَآها عُمَرُ فَعَرَفَها، فقالَ: إنَّكِ واللَّهِ يا سَوْدَةُ ما تَخْفَيْنَ عَلَيْنا، فَرَجَعَتْ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرَتْ ذلكَ له، وهو في حُجْرَتي يَتَعَشَّى، وإنَّ في يَدِهِ لَعَرْقًا، فأنْزَلَ اللَّهُ عليه، فَرُفِعَ عنْه وهو يقولُ: قدْ أذِنَ اللَّهُ لَكُنَّ أنْ تَخْرُجْنَ لِحَوائِجِكُنَّ” أخرجه البخاري ومسلم.
وعن عائشة رضي الله عنه قالت: دخلَ عليّ رسولُ اللهِ وعندي جاريتانِ تُغنّيانِ بغناءِ بُعاثٍ فاضطجعَ على الفراشِ وحوّلَ وجههُ ودخلَ أبو بكرٍ فانتهرنِي وقال مزمارةُ الشيطانِ عند النبي فأقبلَ رسولُ اللهِ فقال دعهمَا ، فلما غفل غمزتهُما فخرجتا”أخرجه البخاري.
الاستدلال بقصة يوسف عليه السلام: من دخول يوسف عليه السلام على النسوة، قال الله تعالى: “فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ” يوسف:31.

أدلة على من تحريم الاختلاط:

ومن الأدلة على تحريم الاختلاط في الكتاب والسنّة كثيرة ومنها:

وقول الله تعالى: ” وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ” الأحزاب 53. فقال ابن كثير في دليله للآية الكريمة التالية، أي كما نهيتكم عن الدخول عليهن كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية ولو كان لأحدكم حاجة يُريدُ تناولها منهنّ فلا ينظر إليهن ولا يسألهن أي حاجة إلا من وراء حجاب.

وقد حرصَ الرسول عليه الصلاة والسلام مع اختلاط الرجال بالنساء حتى في أطهر بقاع الأرض وأحب الأماكن إلى الله وهي المساجد؛ وذلك بعزل صفوف النّساء عن الرّجال، والمكث بعد السلام حتى ينصرف النساء، وتخصيصُ باب خاص في المسجد للنساء. ودليلهم على ذلك حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، “إِذا سلم قام النساء حِين يقضِي تسلِيمه ومكث يسِيراً بفغل أَن يَقوم قال ابن شِهَاب فَأُرى واللَّه أَعلم أَن مكثه لكي ينفذ النساء قَبل أَن يُدْرِكَهن من انصرف من القَومِ” رواه البخاري.

وعَن ابن عمر قَالَ : قَال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسلَّم “لَوْ تَرَكنا هَذا البَابَ للنّساءِ قال نافِع فَلم يدخل مِنه ابن عمر حَتّى مَات” رواه أبو داود.

وعن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: “خَير صُفوف الرجالِ أَوّلها وَشرُّهَا آخِرها وَخير صفوف النِّساءِ آخِرها وشرُّهَا أَوَّلها” رواه مسلم.

ويدل هذا الحديث على منع الشريعة الإسلامية للاختلاط؛ وذلك عن طريق بعد صفوف الرجال عن النساء، وقال: أنّ صفوف النساء كلما كانت بعيدةً عن صفوف الرجال كان ذلك أحصن لها. وإذا كانت هذه المزايا قد اتّخذت في المسجد وهو مكان العبادة الطّاهر الذي يكون فيه النّساء والرّجال أبعد ما يكون عن ثوران الشهوات فاتّخاذها في غيره ولا شكّ.

لقد روى أبو أسيد الأنصاري أنّه سمِع رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم يقول وهو خارج من المسجد رأى الرجال تختلطً مع النّساء في الطرِيق، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيهِ وسلَّم للنّساء: “استَأخِرن فإِنه ليس لكنّ أن تحققن الطرِيق تسِرن وسط الطريق عَلَيْكُنَّ بحافَّات الطَّرِيق” فَكَانت المرأَة تلتصِق بالجدار حتّى إِنّ ثَوبها ليتعلّق بِالجدار مِن لصوقها به” رواه أبو داود.


شارك المقالة: