ما هو خطر الردة؟

اقرأ في هذا المقال


خطر الردّة:

لقد دلت الأدلة القاطعة والشواهد الواضحة أنه لم يعد في الأرض دين حقٌ سوى دين الإسلام، والشخص الذي يدخل في هذا الدين ويعرفه عن كثب معرفة تامة، ويذوقُ طعمه وحلاوته ويَقطع بصدقه وعدله، ويستضيءُ بنوره في خضم الحياة، ثم ينقص بعد ذلك على عقيبة ويخرج عن هذا الدين، الذي هو النور الهادي إلى غيره من الشرك والضلال، فيتخبطُ في الظلمات التي أخرجه الله منها.

وهذا الشخص سيكون سبباً في هدّ بنيان نظام حياة فريدة في الأرض، وفي تخلل صف أمة هي خيرُ أمة أخرجت للناس على وجه الأرض، ومن هذا المبدأ بدأ الخطر. فقال شيخ الإسلام ابن تيمية ” أما المرتد فالمُبيح عنده، أي المبيح للقتل عند الإمام أحمد، هو الكفر بعد الإيمان وهو نوع من الكفر، فإنه لو لم يقتل ذلك لكان الداخل في الدين يخرج منه فقتله حفظً لأهل الدين وللدين. فإن هذا الشيء يمنعهم من النقص، ويمنعهم من الخروج بخلافِ من لم يدخل فيه.

إن إعطاء عامة الأفراد حق الحكم على شخص ما بالردة، ثم الحكم عليه باستحقاق العقوبة، وتحديدها بأنها القتل لا غير، وتنفيذ ذلك بلا هوادة، يحمل خطورة شديدة على دماء الناس وأموالهم وأعراضهم، لأن مقتضى هذا أن يجمع الشخص العادي، الذي ليس له علم أهل الفتوى ولا حكمة أهل القضاء، ولا مسؤولية أهل التنفيذ، سلطات ثلاثًا في يده يفتي، وبعبارة أخرى يتهم ويحكم وينفّذ، فهو الإفتاء والادعاء والقضاء والشرطة جميعًا

المسؤولية الجنائية:

إن جريمة الردّة في الفقه الإسلامي فيها شيء من المماثلة لجريمة تغير النظام الاجتماعي في الفقه الغربي، مثل الفوضوية وغيرها من المذاهب الهدامة. وقد ذُكر في فقه السنة للسيد سابق “أن الإسلام هو عبارة عن منهج كامل للحياة، وهو دين ودولة، وعبادة وقيادة، ومصحف وسيف وروح ومادة، ودنيا وآخرة، وهو أيضاً مبني على أساس العقل والمنطق وقائمٌ على الدليل والبرهان، وليس في عقيدته ولا شريعته ما يُصادم فطرة الإنسان، أو يقف حائراً دون الوصول إلى كماله المادي والأدبي.

ومن دخل في الإسلام وعرف حقيقته وذاق طعم حلاوته، فإذا خرج منه وارتدّ عنه بعد دخوله فيه، وإدراكهِ له، فقد كان الواقع خارجاً على الحق والمنطق، ومنكراً للدليل والبرهان، ومحيداً عن الحق السليم والفطرة المستقيمة.
فالإنسان حينما يصل إلى هذا المستوى يكون قد ارتدّ إلى أقصى درجات الانحطاط، ومثل هذا الإنسان لا ينبغي الحفاظ على حياته، وأن لا يحرص على وجوده؛ لأن حياته ليست لها غاية كريمة ولا مقصد نبيل فجاء هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن الإسلام هو منهجٌ عام للحياة، ونظام شامل للسلوك الإنساني لا غني له من سياجٍ يحميه، أو درعٌ يقيهِ، فإن أي نظام لا قيام له إلا بالحماية، والوقاية والحفاظ عليه من كل شيء يزعزع أركانه وبنيانه، ولا شيء أقوى من حماية هذا النظام ووقايته من منع الخارجين عليه؛ لأن الخروج عليه يهدد حياته ويُعرضه للسقوط.

إنّ الخروج عن الإسلام والارتداد عنه، يعتبر ثورة عليه، وهذا ليس له عليه إلا الجزاء الذي نصّت عليه القوانين الوضعية فيمن خرج على نظام الدولة وأوضاعها المقررة. فقد قرر الإسلام عقوبة الإعدام للمرتدين منطقي مع نفسه، ومتلاقٍ مع غيره من الظلم. ففي الارتداد عن الإسلام تمردٌ وتكبرٌ على هذا النظام، وإضعاف للجماعة، وتكثير لسواد الأعداء وإفشاءٌ لأسرار المسلمين الخطيرة، وغير ذلك لما لا يتسع له المقام.


شارك المقالة: