ما هو سبب حد الزنا؟

اقرأ في هذا المقال


سبب حد الزنا:

إن سبب حد الزنا هو ارتكاب جريمة الزنا، ولكن الفقهاء وضعوا ضوابط دقيقة لتحقق هذه الجريمة؛ لأن الحدود عموماً مبنية على الدرء والإسقاط، حمايةً للمجتمع من سماع وقوع هذه الفاحشة، وذلك فضلاً عن انتشارها والخوض في مساوئها، فإذا لم تتوافر هذه الضوابط فقد سقط الحد. ويجب التعزير أو المهر إذا كان الوطء بشبهة؛ لأن كل وطء حرام لا يخلو عن عَقر”أي عقوبة أو حد زاجر” أو عُقر أي مهر جابر في حالة الشبهة.

تعريف الزنا:

الزنا: هو عبارةٌ عن وطء الرجل للمراة في القُبل في غير الملك وشبهته. وقد ذكر الحنفية تعريفاً مطولاً يبين ضوابط الزنا الموجب للحد، فقالوا: هو الوطء الحرام في قُبل المرأة الحية المشتهاة في حالة الاختيار في دار العدل، ممّن التزم أحكام الإسلام، الخالي عن حقيقة الملك، وحقيقة النكاح، وعن شبهة الملك، وعن شبهة النكاح، وعن شبهة الاشتباه في موضع الاشتباه في الملك والنكاح جميعاً. 

شرح تعريف الأحناف عن الزنا وبيان محترزات قيوده:

الوطء: هو فعلٌ معلوم وهو إيلاج فرجٍ في فرجٍ آخر بقدر الحشفة. فالوطء الذي يجب به الحدّ، هو أن يغيب الحشفة بالفرج، فلا يجب به الحدّ بأدنى من ذلك، كالمفاخذة والتقبيل.
الحرام: أي الوطء الحاصل من الشخص المكلف”أي العاقل البالغ”. أما وطء غير المكلف كالصبي والمجنون فلا يعتبر زنا موجباً للحد؛ لأن فعلهما لا يوصف بالحرمة، لكونهما غير مكلفين، بقوله عليه الصلاة والسلام:”رفع القلم عن ثلاث، عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يُفيق” أخرجه أبي داود عن علي بن أبي طالب.
في قبل: أخرج بذلك الوطء في الدبر في الأنثى أو الذكر، فإنه لا يسمّى زنا عند الإمام أبي حنيفة، بخلاف الصاحبين والشافعية والحنابلة والمالكية.
المرأة: أخرج وطء البهيمة؛ لأنه أمر نادر ينفر منه الطبع السليم كما تقدم.
الحية: أخرج وطء الميتة؛ لأنه أمر نادر، كما ذكر.
المشتهاة: لا يحد واطئ غير المشتهاة كالصغيرة التي لم تبلغ حداً يشتهى؛ لأن الطبع السليم لا يقبل هذا.
حالة الاختيار: يجب أن يكون الواطئ مختاراً، سواء أكان رجلاً أم امرأة موطوءة، فلا يحد المكرَه على الزنا. وقد اتفق العلماء على أنه لا حد على المرأة المكرهة على التمكين من الزنا، لقوله عليه الصلاة والسلام:” رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ومااستكرهوا عليه. أخرجه الطبراني.

حكم الرجل المكره على الزنا:

وأما الرجل المُكره على الزنا، فلا حدّ ولا تعزيرعليه، وكذلك عند الشافعية، وهو المختار أيضاً عند محققي المالكية وذلك لما ورد في الحديث السابق وأما الرجل المكرَه على الزنا، فلا حد ولا تعزير عليه أيضاً عند الشافعية، وهو المختار عند محققي المالكية، للحديث السابق ولقيام عذره بالإكراه.
وقال الحنابلة: يقع الحدّ؛ إذ أنه ما دام قد حصل الانتشار منه، فيدل ذلك على انتفاء المكروه. وقال أبو حنيفة أولاً: إن أكرهه السلطان فلا حد عليه، وإن أكرهه غير السلطان حد استحساناً؛ لأن الإكراه لا يتحقق في رأيه إلا من السلطان.
وأما وقوع الزنا بإكراه غير السلطان، فإنه يدل على عدم تحقق معنى الإكراه، لوجود الطواعية والرضا من الفاعل، بدلالة الحال وحصول الانتشار والشهوة.
ثم استقر رأي أبي حنيفة على أنه لا يحد المستكره؛ لأن الانتشار قد يكون دليل الفحولية لا دليل الاختيار. وقال الصاحبان: لا يحد المكره في الحالتين وهو المعتمد في الفتوى. وقال زفر: يحد فيهما جميعاً. وفي دار العدل: أي في دار الإسلام؛ إذ أنه لا ولاية لوليّ الأمر على دار الحرب أو دار البغي.


شارك المقالة: