سبب خروج الدجال:
لقد ذكرنا في حديث تميم الداري في ذكر قصة الدّجال، أنه ذكر أن الدّجال: أنه ذكر أن الدّجال محبوس الآن في جزيرةٍ من جزر البحر، وأنه كان حيّاً في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وأنه رجلٌ عظيم الخلقة، رآه تميم الداري موثقاً بالسلاسل، وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه سيخرج من غضبة يغضبها، ساعتها تتحطم السلاسل، ويتحرّر من القيد ويُعثي في الأرض فساداً.
ففي صحيح مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال:”لقي ابن عمر ابن صائد في بعض طرق المدينة فقال له قولاً أغضبه، فانتفخ حتى ملأ السكة، فدخل ابن عمر على حفصة وقد بلغها، فقالت له: رحمك الله ما أردت من ابن صائد أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما يخرج من غضبة يغضبها” رواه مسلم.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن عمر رضي الله عنه قال:”لَقيتُ ابنَ صيَّادٍ يوماً وَمعه رجلٌ مِن اليَهودِ، فإذا عَينه قد طَفَت وهيَ خارِجة مثلُ عينِ الحِمارِ، فلما رَأيتها قُلت: أَنشُدك اللهَ يا ابن صيَادٍ، متَى طَفَت عَينُك؟ قال: لا أَدري وَالرَّحمنِ، قُلت: كَذبتَ وهيَ في رَأسِك! قال: فمسحَها ونخرَ ثَلاثاً، فزعمَ اليَهودي أني ضَرَبت بِيَدي صَدرَه، وقُلت: اخسَأ فَلم تَعدو قَدرَك، فذَكَرْتُ ذلكَ لِحَفصةَ، فَقالت حَفصةُ: اجتَنِب هَذا الرَّجل؛ فإنَّا نَتحدَّث أن الدَّجَّال يَخرُج عندَ غَضبةٍ يَغضَبُها”. نيل الأوطار وإسناده صحيح.
ابن صائد: يعني ابن صياد.
مكان خروج الدجال:
يخرجُ الدجال من جهة المشرق، قريةٍ في إيران، يُقال لها: خراسان، فيتبعهُ أقوامٌ كان وجوههم المجان المطرقة. ثم يكون بدء ظهوره من يهودية” أصفهان” حيثُ يخرج سبعون ألف يهودي مطيلس، لاستقباله ومناصرته، ثم بعد ذلك ينحدرُ على أرض إيران وبعدها العراق، وبعد خروجه من الخلة التي بين الشام والعراق، يتجه مسرغاً نحو الحجاز للاستيلاء على مكة والمدينة، ولكن تمنعهُ الملائكة، فيخرج بعدها إلى العالم.
الأدلة على هذا الأمر:
ما أخرجه ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم الصادق المصدوق:”إن الأعور الدَّجَّال مَسيحَ الضَّلالة يخرُج مِن قِبَلِ المَشرِقِ في زمان اختلاف مِن النَّاس وفُرقة فيبلُغ ما شاء اللهُ مِن الأرضِ في أربعين يوماً اللهُ أعلَمُ ما مقدارُها اللهُ أعلَمُ ما مقدارُها، مرَّتينِ، ويُنزِل اللهُ عيسى ابنَ مَريم فيؤُمّهم فإذا رفَع رأسَه مِن الرَّكعةِ قال: سمِع اللهُ لِمَن حمِده قتل اللهُ الدَّجَّال وأظهَر المُؤمِنينَ”. أخرجه ابن حبان في صحيحه.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله كما في فتح الباري” عن مكان خروج الدّجال: وأما من أين يخرج؟
أولاً: يخرجُ من قِبل المشرق جزماً. أي من المشرق، وتحديداً من مكان يُقال له خُراسان، وهي مدينة كبيرة تقع في إيران، فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي والحاكم عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الدّجّال يخرج من أرضٍ بالمشرق، يُقال لها خُراسان، يتبعهُ أقوامٌ كأن وجوههم المجِانُ المطرقةِ”. صحيح الجامع.
والمجن: أي الترس، وشبهة وجوههم بالترس وذلك لبسطها وتدويرها. وبالمطرقة: وذلك لغلضها وكثرة لحمها.
ثانياً: ثم يكون بداية ظهورهِ من أصبهان: فقال ابن كثير في النهاية في الفتن والملاحم، فيكون بدء ظهوره من أصبهان، من حارةٍ يُقال لها اليهودية. فقد أخرج الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يخرجُ الدّجّال من يهودية أصبهان، معه سبعون ألفاً من اليهود.
ثالثاً: ثم يكون ظهوره أمره للمسلمين عندما يصل إلى مكان بين العراق والشام، فقد أخرج الإمام مسلم عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلم الدّجال ذات غداة، فقال: إنه خارج خُلّةً بين الشام والعراق فعاثُ يميناً وعاثَ شمالاً، ياعباد الله فاثبتوا.
رابعاً: ثم يحاول جاهداً اقتحام المدينة، غير أن الملائكة تمنعه من دخولها، ثم تصرف وجهه قبل الشام حتى يأتيها. فقد أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: يأتي المسيح من قبل المشرق، وهمته المدينة، حتى ينزل دُبُر أُحد، ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام، وهناك يهلك.
وأخرج الإمام أحمد والطبراني عن سفينة أن النبي عليه الصلاة والسلام تحدث عن الدّجّال فقال: ثم يسير حتى يأتي المدينة، فلا يؤذن له فيها، فيقول: هذه قرية ذلكَ الرجل، ثم يسير حتى يأتي الشام، فينزل عيسى عليه السلام فيقتلهُ عند عقبة أفيق.