ما هو سبب وجوب الكفارة عند الحنفية؟

اقرأ في هذا المقال


سبب وجوب الكفارة:

يتأيدُ أن ما ذكره الحنفية إن سبب وجوب الكفارة عندهم هو الظهار والعود؛ بأن الكفارة دائرة بين العقوبة والعبادة، فيكون سببها دائراً بين الحظر والإباحة، أيضاً حتى تتعلق العقوبة بالمحظور والعادة بالمباح، وإنما جاز تقديم الكفارة على العود؛ لأنها وجبن لرفع الحرمة الثابتة في الذات، فيجوز بعد ثبوت تلك الحرمة لترفع بها كما في الطهارة حيث أنها تجوز قبل إرادة الصلاة مع أنها سببها؛ ولأنها شرعت لرفع الحدث فتجوز بعد وجوده، ولهذا جازت الكفارة بعد ما أبانها أو انفسخ العقد بارتداد أو غيره؛ لأن هذه الحرمة لا تزول بغير التفكير من أسباب الحل، كملك اليمين وأصابةِ الزوج الثاني وللمرأة أن تطالبه بالوطء، وعليها أن تمنعه من الاستمتاع بها حتى يكفر، وللقاضي أن يجبره على التفكير دفعاً للضرر عنها.
ومن ثم تجب الكفارة بالعود عن الظهار الذي تلفظَ به سواء كان العود هو العزم على الوطء مؤكداً أو نية الامساك، ويبعد الوطء، وذلك عملاً بظاهر قوله تعالى:”وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۚ“المجادلة:3. فدلت هذه الآية الكريمة على أن المظاهر إذا عاد في ظهاره أيّ رجع عما تلفظَ به، وجبت عليه الكفارة قبل المسيس، والمراد بالمسيس هنا في الآية هو الوطء، وهذا التعبير يدل على الوطء؛ لأن المماسة هي فعلٌ مشترك من الجانبين وهما الزوج والزوجة، فإذا ما وطئ قبل التفكير كان آثماً لمخالفته صريحُ الآية؛ لأن الآية اشترطت القبلية مرتين:

الأولى:
عند التحرير حيث قال تعالى:”فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا” المجادلة:3.

الثانية:
عند عدم وجود الرقبة أو عدم القدرة عليها حيث قال تعالى:”فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۖ“المجادلة:4. وتِكرارها مرتين دليل على أنه لا بد من التفكير قبل الوطء؛ لأن التفكير يزيل الحرمة الثابتة بالظهار.

هل يكون للزوجة ظهار:

أجمع العلماء على أنه ليس للزوجة ظهار بل هو أمر خالص بالرجل؛ لأن بيده الحل والعقد والتحليل والتحريم في النكاح. والدليل على ذلك هو قول الله تعالى:”وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكم مِنّ نِّسَائِهِمْ” وقوله تعالى:”وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ” فقصر القرآن الظهار على الأزواج فلا ينتقل إلى الزوجات ولو أراد الله لقالَ واللآئِي يظاهرون منكنّ من أزواجهن، لكنه لم يقل ذلك، فدل على أن الظهار مقصور على الرجال، ومن ثم إذا نطقت بلفظ الظهار فليس بشيء ولا يكون له حكم ويبقى الحل كما هو لا يتغير منه شيء وله أن يطأها ولكن هل عليها كفارة. ويرى غالبية الفقهاء أنه لا كفارة عليها؛ لأن كلامها لغو وليس بشيء ولا يوجب الكفارة. وقال الزهري: أرى أن تكفر كفارة ظهار. وقال عطاء وأبو يوسف عليها كفارة يمين.


شارك المقالة: