أحكام الرجعة:
اختلف الفقهاء في بعض الأحكام المهمة الخاصة بالرجعة، وأهم هذه الأحكام، إعلام الزوجة بالرجعة، والإشهاد على الرجعة، ما يباح على الزوج قبل الزوجة، واختلاف الزوجين في الرجعة، وسنقسّم كل من هؤلاء إلى مطلب معين.
إعلام الزوجة بالرجعة:
أجمع الفقهاء على أنّ الرجعة لا تفتقر إلى وليّ، ولا صداق، ولا رضا المرأة. والدليل على ذلك:
1. قول الله تعالى:”وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ“البقرة:228. فهو ظاهر في عدم توقف الرجعة على رضاها؛ لأن الله تعالى جعله حقاً مطلقاً للزوج، أيّ هو الذي له حقّ الرجعة، وإنّ أبت هي وأباها وحكمته استدارك الزوج ما وقع منه من التفريط في حقه من النكاح لا لغيره، لا لأنه له ولغيره وهو أحق منه.
2. إنّ الرجعة في أحكام الزوجات، والرجعة هي إمساكٌ لها واستبقاءٌ لنكاحها، ولهذا سمّى الله الرجعة إمساكٌ وتركها فِراقٌ وسراحاً، فقال تعالى:”فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ” الطلاق:2.
أمّا إعلام الزوجة بالرجعة، فقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة إلى أنه مستحّب. وذهب ابن حزم الظاهريه إلى أنه واجب، كما أنه كلام الفريقين رتب آثاراً معينةً في حال زواج المرأة بآخر غير الذي راجعها ولم يُعلمها، وسنقسم هذا البند إلى فرعين:
– استعراض الأدلة الموجبة للإعلام ومستحبيه.
– الآثار المترتبة على عدم إعلام المطلق بالرجعة.
أدلة موجبي إعلام الزوجة بالرجعة ومستحبيه:
استدلّ موجبو إعلام الزوجة بالرجعة بعدة أدلة واهمها مايلي:
قال الله تعالى:” يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ” البقرة:9. وعدم الإعلام هو نوع من الخداع.
قال تعالى:” وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ۚ: البقرة:6. وهذه عينُ المضرة، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
“من عمل منا عملاً ليس عليه امرنا فهو رد” أخرجه البخاري. ومضرته مردودةٌ بالطلاق.
فالله تعالى سمّى الرجعة إمساكٌ بمعروف، فالرجعة هنا هي إمساكٌ ولا تكون بنص كلام الله تعالى إلا بمعروف، والمعروف هو: إعلام المرأة وأهلها إنّ كانت صغيرة أو مجنونة، فإنّ لم يعلمها فلم يمسك بمعروف منكر، إذ منعها من حقوق الزوجة من النفقة، والكسوة، والسكن، والقسمة فهو إمساك فاسدٌ باطل، ما يعلمها فحينئذ يكون معروف.
أدلة مستحبي إعلام الزوجة بالرجعة:
استدل مستحبو إعلام الزوجة بالرجعة: إن الرجعة هي حقٌ خالص للمرتجعة لكونه تصرفاً في ملكه بالإستيفاء والاستدامة، وتصرف الإنسان في خالص حقه لا يتوقّف على علم غيره، مثل الإجازة في الخيار ولكنه مندوبٌ إليه، ومستحبٌ لأنه إذا راجعها ولم يعلمها بالرجعة فمن الجائز أن تتزوج بعد انتهاء عدتها، ظنناً منها أنّ عدتها قد انقضت، فقد كان ترك الإعلام فيه سبباً إلى عقد حرام فيستحبّ له أن يعلمها.