اقرأ في هذا المقال
- صفة دخول المزدلفة
- ماهي شروط الجمع بين المغرب والعشاء في مزدلفة؟
- المبيت والوقوف بمزدلفة
- حكم من فاته المبيت الواجب في مزدلفة
مزدلفة: يقال: زَلَفَ إليه، وازدَلَف، وتَزَلَّف؛ أي؛ دنا منه، وأزْلَفَ الشيءَ: أيّ قَرَّبَه، ومُزْدَلِفةُ، والمُزْدَلِفة: هي موضع بمكَّةَ .
سبب تسميتها المزدلفة:
لأنَّهم يَقرُبون فيها مِن مِنى، والازدلافُ هو التقريبُ، ومنه قوله تعالى:” وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ“.الشعراء: 90.
أي قُرِّبَت.
ولأنّ النَّاس يجتمعون بها، والاجتماعُ الازدلافُ، ومنه قوله تعالى:”وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ“الشعراء: 64.
تنقسم أحكام المزدلفة في الحجّ إلى عدَّة أمور وهي مايلي:
صفة دخول المزدلفة:
على الحاجّ إذا أفاض من عرفة وأتى إلى مزدلفة، يستحب له أن يدخلها ماشياً، وأن يغتسل لدخولها إن تيسر، وأن يكثر من الاستغفار، ثم ينزل بقرب جبل قُزَح إذا تيسَّر لهُ؛ لأنّ النبي ــ صلّى الله عليه وسلم ــ وقف عند هذا الجبل، ويتحرّز في النزول على الطريق، كي لا يضر بالمارة، فينزل عن يمينهِ أوعن يساره، ويُستحب أن يقف وراء الإمام كما في الوقوف بعرفة، ولا ينفرد بالنزول.
ويُصلّي بها المغرب في أول وقت العشاء بأذانٍ واحد وإقامة واحدة.
ويُستحب التعجيل في هذا الجمع، فيُصلي الفرض قبل حطّ رحلهِ إن كان في مأمن، فإذا دخل وقت العِشاء أذّن المؤذن، ويقيم الصلاة، فيصلّي الإمام المغرب بجماعةٍ في وقت العشاء، ثم يتبعها العِشاء بجماعة، ولا يُعيد الأذان ولا الإقامة للعشاء، بل يكتفي بأذانٍ واحد، وإقامةٍ واحدة.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:“جمع رسول الله ــ صلّى الله عليه وسلم ــ بين المغرب والعشاء بجمعٍ:صلّى المغرب ثلاثاً، والعشاء ركعتين بإقامةٍ واحدة”.صحيح مسلم وصحيح بخاري.
ولا يتطوّع بينهما، ولا يشتغل بشيء آخر، فإن تطوّع أو تشاغل أعاد الإقامة للعشاء دون الأذان، وينوي المغرب أداءً لا قضاء.
والجماعةُ سنةٌ في هذا الجمع، وليست بشرط، فلو جمع بين المغرب والعِشاء وحدهُ جاز.
ماهي شروط الجمع بين المغرب والعشاء في مزدلفة؟
ويُشترط لصحة الجمع بين المغرب والعشاء في مزدلفة خمسة شروط وهي:
- الإحرام بالحج.
- تقديم الوقوف بعرفة عليه، سواء وقف نهاراً أو ليلاً.
- الزّمان، وهو ليلة النّحر إلى طلوع فجر العيد.
- المكان، وهو مزدلفة، حتى لو صلّى الصلاتين أو إحداهما قبل الوصول إلى مزدلفة لم يَجز، وعليه إعادتهما بها إذا وصل، ولا يُصلي خارج مزدلفة إلَّا إذا خاف طلوع الفجر فيصلي حيثُ هو، وذلك لضرورة إدراك وقت الصلاة، وفوات الوقت الواجب للجمع، ولو لم يعدهما حتى طلوع الفجر.
- الوقت، وهو وقت العشاء، فلو وصل إلى مزدلفة قبل العشاءِ لا يُصلي المغرب حتى يدخل وقت العشاء.
المبيت والوقوف بمزدلفة:
يُسنُّ المبيت بالمزدلفة إلى الفجر، وهو واجبٌ من واجبات الحج وهو مذهب الجمهور، والمالكية، والشافعيةُ بالأصح. قال ابنُ رُشد: “وأجمَعوا على أنَّ مَن بات بالمزدلفةِ ليلةَ النَّحر، وجمَع فيها بين المغرب والعِشاء مع الإمام، ووقَف بعد صلاة الصُّبح إلى الإسفار بعدَ الوقوف بعرفةَ، أنَّ حجَّهُ تامٌّ، وإنّ ذلك هي الصِّفةُ التي فعَل رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم “. بداية المجتهد.
وقال النووي:”المَبيتُ بمزدلفةَ ليلةَ النَّحر بعد الدَّفعِ من عرفاتٍ، نُسكٌ، وهذا مُجمَعٌ عليه”. شرح النووي على مسلم. وقال:”إذا وصَلوا مُزدلفةَ وحلُّوا، وباتوا بها، وهذا المَبيتُ نُسُكٌ بالإجماع”.
الأدلة من الكتاب والسنة:
1. قَوله تعالى:”فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ“.البقرة: 199.
وَجْهُ الدَّلالةِ: والأصل في الأمر الوجوب حتى يقوم دليلٌ على صرفه عن الوجوب.”قول ابن عثيمين.
2. أمَّا السنة: عن عُروة بنِ مُضَرِّسِ بنِ أوس بنِ حارثةَ بنِ لامٍ الطَّائيِّ رضِي الله عنه، قال:“أتيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالمُزْدَلِفةِ حين خرج إلى الصَّلاةِ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي جِئْتُ مِن جَبَلِ طَيِّئٍ، أكْلَلْتُ راحلتي، وأتعبْتُ نفسي، واللهِ، ما تَرَكْتُ مِنْ حَبْلٍ إلَّا وقفْتُ عليه، فهل لي مِن حَجٍّ؟ فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن شَهِدَ صلاتَنا هذه ووقَفَ معنا حتى ندفَعَ، وقد وقَفَ بعَرَفة قبلُ ليلًا أو نهارًا؛ فقد أتمَّ حَجَّه وقضى تَفَثَه”. رواه أبو داود والترمذي، النسائي، وأحمد.
حكم من فاته المبيت الواجب في مزدلفة:
مَن فاتَه المبيتُ الواجِبُ بالمُزْدَلِفةِ صحَّ حجُّه، وعليه دمٌ إلا إن ترَكَه لعذرٍ، فلا شيءَ عليه، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفية، والمالِكية ، والشافعية، والحنابِلة.
والدليلُ على وجوب الدم: “عَنِ ابنِ عباسٍ رضِيَ الله عنهما أنه قال:”مَن نَسِيَ مِن نُسكِه شيئًا، أو تركه؛ فليُهرِق دمًا”.رواه مالك في الموطأ، والبيهقي، الدار قطني.
الأدلة على سقوط الدم عمَّن ترك المبيت بالمزدلفة لعذر:
هناك دليل من السنة على سقوط الدم عمَّن ترك المبيت بالمزدلفة وهي:
1- إنَّ النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ رخَّص للرعاة في ترك المبيتِ؛ لحديث عاصم بن عدي رضِي الله عنه:”أنَّ رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ أرخص لِرِعاء الإبِل في البَيتوتة خارجين عن منًى”.
2- إنَّ العباس بن عبدِ المطلِب استأذَن رسولَ اللهِ ــ صلى الله عليه وسلَّم ــ أن يبيت بمكة ليالي مِنى؛ مِن أجلِ سقايَتِه، فأذن له.