أنواع الجراحة:
لقد بدأت بالتحدث عن أنواع الأرش من باب تقديم السبب على المسبب؛ لأن الجِراحة هي سببٌ لوجود الأرشِ، فلولا الجراحة ما وُجد الأرش. لقد وجدنا أن علماء الفقه قد اكتفوا بذكر أنواع الجناية على ما دون النفس، لتشمل جميع أنواع الاعتداءِ على ما دون النفس، وبالتالي كان لا بدّ من بيان أنواع الجناية على ما دون النفس أولاً، ومن ثم بيان أنواع الجراحة، مستندين في ذلك إلى تعريف الجراحة.
أنواع الجناية على ما دون النفس:
لقد قسم الفقهاء الجناية على ما دون النفس إلى أربعة أنواع من حيث الأثر المترتب على الجناية وهي:
– إبانة الأطراف وما يجري مجراها- وإذهاب معاني الأطراف – الشجاج – الجراح.
وهذا التقسيم هو الأساس الذي يُبنى عليه وجوب الدية أو الأرش؛ فينظرُ إلى الجرحِ أولاً وآخراً أنه اعتداء يوجب عقوبة أو تعويضاً لحفظِ بدن الإنسان من الاعتداء والشريعة الإسلامية بتَشرِيعاتها المُتكاملة، وضعت الأحكام التي كفلت الحفاظ على سلامةِ جسدِ الإنسان من أي اعتداء، وفيما يلي سنتحدث عن كل واحدةٍ منها.
1. إبانة الأطرافِ وما يجري مجراها:
وتعني قطع الأطراف، والأطراف عند الفقهاء ما له حدٌ ينتهي إليه، مثل الأذن واليد والرجل. وحصرها بعض فقهاء الشافعية في ستة عشرةَ نوعاً: الأذنان، العينان، الأجفان، الأنف، الشفتان، اللسان، الأسنان، اللحيان، اليدان، الرجلان، حلمتا المرأة، الذكر، الأُنثييان، الأليتَان، الشفران، الجلد. وأضاف بعضهم: الصُلب والثديين، وشعر الرأس والحَاجبين وأهداب العين، وثُندؤتي الرجل، والأنامِلَ.
2. إذهاب منافعُ الأطراف:
ويكون ذلك بتفويتِ منفعة العضوِ وتعطيلهِ مع بقاءِ المحالّ التي تقوم بها هذه المنافعُ، مثل تفويتِ السمعِ والبصر والشمِ والذوق والكلام والجماع والإيلاد والبطش والمشي وتغير لون السن إلى السواد والحُمرة والخضرة وغير ذلك وعلى بقاء عينها قائمة.
3. الشجاج:
لقد خصّ الفقهاء الجراح التي تقع في الوجه والرأس بالشجاجِ، وهي عند الحنفية أحد عشر نوعاً حسب خطورتها وهي الخارصةُ، الدامعة، الدامية، الباضعةُ، المُتلاحمة، السمحاق، الموضحة، الهاشِمة، المُنقلة، الآمّة، الدامغةُ.
4. الجراح:
ويُقصدُ بها الجِراحُ في سائرِ البدن، باستثناء الرأس والوجه، وهي عند الفقهاء نوعان: الجائفةُ، والغير جائفة.
النوع الأول : الجائفة: وهي التي تصلُ إلى الجوف. والجوف عند الفقهاء قد اختلفوا في تحديد معناه.
فالحنفية: رأى أن الجوف هو ما بين اللبة والعانة، وهي الصدر والظهر والبطن والجَنبان وما بين الأُنثيين والدِبر. وما وصل من الرقبة إلى الموضع الذي إذا وصل إليه الشراب كان مُفطراً، ولا تكون الجائفة في اليدين والرجلين ولا في الرقبة والحلق؛ لأنه لا يصل إلى الجوف.
وقال المالكية: الجوف هو الظهر والبطن.
وقال الشافعية: هو جرح يُنفذ لجوفِ باطن محيل للغذاء أو الدواء أي “الجهاز الهضمي” أو طريق للمحيل كبطن وصدرٍ وثغر وجنبين.
أما الحنابلة: وهو ما وصل إلى جوف العضو، مثل الظهر وصدر وبطن وورك وساق وعضد ممّا له جوف.
النوع الثاني: غير الجائفة: وهي الجراحات التي تصل إلى الجوف، مثل الرقبة أو اليد أو الرجل، كما يدخل في هذا القسم جراح الأعضاء الجوفية.