أهمية دراسة علامات الساعة:
تتجلى أهمية معرفة علم علامات الساعة بما يلي:
- معرفة علامات الساعة يُعتبر امتداداَ للوحي ورسالة السماء عبر القرون: ومن المعلوم أن النبي عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء وامتهُ خاتمةُ الأمم، وممّا عهدَ البشرية أنه إذا بها العهدُ وبعدت في الزمن عن نبع النبوة، اختلطت عليها الأمور فيما يستجد عليها، فاقتضى الأمر أن تبقى على اتصال بالوحي فيما يستجدُ بها خاصة من العظائم، لذا كانت علامات الساعة التي نبّه إليها النبي عليه الصلاة والسلام، وما أشار إليه من فتن، وبيان المخرج منها، أو كيفية التعامل معها، أو تشخيص أسبابها بمثابة امتداد للوحي عبر الأزمنة، تسترشدُ من خلاله سبل السلامة.
فالأمة الإسلامية مرة بعظائم من الأمور، وشبهات عظيمةً كانت أحوجُ ما تكون لعلمٍ قطعي من وحي السماء، أو إثارة من الوحي النبوي يستبين من خلالها الحق من الباطل، وتدفع به الشبهات، ومن هذه العظائم مثلاً القتال الذي حصل بين معاوية وعليّ رضي الله عنهما، وقتل علي لطائفةٍ من الخوارج وغير ذلك من الأمور فكانت علامات الساعة بمثابةٍ مددٍ من السماء للأمة دفعت بها الشبهات، وعلمت حقيقة أمرها، وكأن الرسول ما زال بين ظهرانيهم، وتبين لهم أن طائفة علي رضي الله عنه كانت أولى الطائفتين بالحق، ودفعت الشبهات من قلوب من شارك في قتال الحرورية عندما علموا بأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد نعتهم نعتاً دقيقاً، وقال في حقهم: لاقتلنّهم قتل عاد، واعتبرهم فرقةً مارقة على المسلمين، وفي قتلهم خير عظيم للمسلمين. - معرفة علامات الساعة تعزز معاني الإيمان في قلب المؤمن بمدى مصداقية رسالة محمد عليه الصلاة والسلام: فإن المؤمن إذا نظر إلى ما حوله من أحداثٍ وفتن، أو ما عايشه من سبقهُ من المؤمنين بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، ثم ينظر إلى علامات الساعة فيجد وصفً دقيقاً في السنة النبوية لهذه الأحداث، فإن ذلك يجدد في قلبه معاني الإيمان بصدق الرسالة، إذا لا يعقل أن يكون هذا الوصف الدقيق لهذا الكم الهائل من الأحداث، والمواقف الغيبية قد صدر من بشر مجرد عن الوحي، فيخرج المؤمن بنتيجة حتميةً لا تحتمل غيرها وهي صدق رسالة محمد عليه الصلاة والسلام، وهذا المعنى وإن كان من لوازم الإيمان إلا أن معرفة علامات الساعة تجدد هذا المعنى عند المؤمن خاصة في الأزمنة التي تستحكم فيها الشهوات والشبهات.
- معرفة علامات الساعة تتضمن تنبيهاً للأمة وتحذيراً لها، وتصف العلاج الرباني لكل ما يصيبها من مواطن الزلل والسقوط: فالنبي الكريم عليه الصلاة والسلام إذا أرشد أمته إلى طبيعته الفتن التي ستقع فيها، لم يقتصر حديثه على وصف هذه الفتن، وإنما تعداه لبيان سبل النجاة منها، ورسم منهجاً متكاملاً يتضمن السلامة لمن يعايش هذه الفتن، أو يقع فيها.
- دراسة علامات الساعة تدفع عن المسلم الخور والضعف والهزيمة النفسية، وتعزز عند التمسك بتعاليم الدين، وتهيجه للعمل الدءوبِ للقيام بأعباء رسالة السماء: فإن المسلم عندما يعايش واقعاً مؤلماً وتُملي عليه صفحات هذا الواقع أن يستسلم له بكل ما يحمل من انهزامٍ وذلةٍ ومهانةٍ، يجد عند دراستهِ لعلامات الساعة أن استمرارية هذا الواقع ليست حتمية، وأن للمسلم وللأمة جولات تعزها، وتغيرٌ من واقعها الأليم الذي وقعت به بسبب تضيعها للأمانة، وتفريِطها بمقتضيات الرسالة، عندها تدب الحياة من جديد في قلب المسلم، وهو يطالع المبشرات بالنصر والتمكين التي بشر بها الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وتتجدد همته لهذا الدين ليكون جزءاً من قدر الله عزّ وجل في تغيير حالة الأمة.
- تغذية فضول الإنسان وفطرته نحو استكشاف المجهول: إن المعلوم أن في الإنسان حاجة فطرية تدفعه دائماً نحو استكشاف الغيب أو الأمور المجهول، لذا حرص في الماضي كما يحرص في الحاضر نحو استكشاف الغيبيات والمغيبات عنه، فالعلم بما سيكون ويحدث ويستقبل علم حلو عند النفس، وله موقع عند العقل، فلا أحد إلا وهو يتمنى أن يعلم الغيب، ويطلع عليه ويدرك ما سوف يكون في رغد، ويجد سبيلاً إليه.
- دراسة علامات الساعة تُعين على فهم طبيعة المرحلة التي يعيشها المسلم، وهذا يُساعد في تجنّبه لمزالقِها: فإن علامات الساعة قد بينت طبيعة المراحل التي تمرّ بها الأمة عبر التاريخ إلى منتهى البشرية، وأرشَدت المؤمنين إلى منهجية التعامل مع هذه الفتن وطرق توقيها، وكذلك معرفة علامات الساعة تعين على فهم الدّين وما يصلح له بطريقة تكاملية، والعلم بها جزء من الإحاطة بعلوم الإسلام وإدراكها من جميع جوانبها، وهذا الفهم يعين على فهم طبيعة المرحلة، وهو أحوج زاد يحتاجه الدعاة لهذا الدين؛ لأنه لا يستطيع أن يقوم بهذا الدين إلا من أحاطه من جميع جوانبه، وفي حديث حذيفة السابق عن الخير والشرّ والفتن يتضح لنا كيف بين النبي عليه الصلاة والسلام في الحوار المتضمن صيغة السؤال والجواب طبيعة كل مرحلة تمر بها الأمة، ومواصفات أهلها وكل وسائل العلاج في الحالات الاستثنائية التي ستمر بها الأمة.