كيفية استقبال القبلة حال الأذان

اقرأ في هذا المقال


استقبال القبلة حال الأذان:

إنّ الاستقبال هو سنةٌ باتفاق العلماء في الأذان والإقامة، ويُكره للمؤذن تركُ الاستقبال إلّا لمصلحة إسماع الناس. وقد حكى الإجماع ابن المنذور وغيره. وعلى ذلك فقد عمل الصحابة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وبعده، ففي سنن أبي داود في حديث ابن أبي ليلى عن معاذ في ذكر أحوال الصلاة وذكر رؤيا عبد الله بن زيد قال: “فاستقبل القِبلة، قال: الله أكبر، الله أكبر” رواه أبو داود. وروى الحاكمُ عن عبد الرحمن بن سعد القرظ عن أبيه عن جده سعد القرظ رضي الله عنه: أنّ بلالاً كان إذا كبّر بالأذان استقبل القبلة”.

القيام في الأذان والإقامة:

إنّ من السنة أن يؤذن المؤذن ويُقيم قائماً بالاتفاق، حكى الإجماع ابنُ المنذر، ولم يُخالف إلا أبو ثور وأبو الفرج المالكي. ولا أعلم في الأمر بالأذان أن يكون حال قيام نصٌ من السنة صريح، لكن في الصحيح: “قم فأذن” وهو غير صريح، لكن الأمر مجمعٌ عليه، ومؤذّنو رسول الله صلى الله عليه كانوا يؤذنون قياماً فيما يظهر من حالهم. والأذان والإقامة يصحان من القاعد إن كان لعذرٍ كمرض أو غيره.

فقد روى البيهقي بسندٍ جيد أن أبا زيد الأنصاري رضي الله عنه: “أذن وأقام وهو جالس” وكان أعرج أصيبت رجلُه في سبيل الله، وقال بعض الفقهاء بعدم الصحة بلا عذرٍ، وفيه وجهة نظر. والعلماء متفقون على جواز أذان الراكب في السفر من دون كراهةٍ. ونصّ على عدم معرفة الخلاف ابنُ عبد البرّ في الاستذكار. وروى البيهقي من حديث الحسن البصري مرسلاً: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمرَ بلالاً في سفرٍ فأذنَ على راحلتهِ، ثُم نزلوا، فصلّوا ركعتين، ثم أمرهُ فأقام، فصلّى بهم الصُبح. وروى أيضاً عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: أنهُ كان يؤذن على راحلته، ثم ينزل فيُقيم. والأذان والإقامة من الراكب في الحضر، صحيح بالاتفاق وإن كان لغير عذر. ويصحُ الأذان والإقامة من الماشي مع الكراهة على الصحيح والسنة القيام والوقوف.

الترتيب في الأذان والإقامة:

إنّ ترتيب الأذان شرط لا يصح إلّا به، عند عامة العلماء خلافاً للحنفية، فالنبي عليه الصلاة والسلام علّم أصحابه الأذان على هذه الصفة فهو توقيفي. وإن قدّم أو أخّر شيئاً من الألفاظ على آخر بطل الأذان. ويجب رفع الصوت بالأذان والإقامة. وقد اتفق أهل العلم على مشروعية رفع الصوت بالأذان، بل ذهب جمهورهم إلى اشتراطه.

فقد روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنه قال لعبد الرحمن بن أبي صعصعة: “إذا كنت في غنمك أو باديتك فأذّنت بالصلاة، فارفع صوتك بالنداء” رواه البخاري. والمقصود من مشروعية الأذان هو الإعلام والإسماع، ولا يتحقق إلا برفع الصوت.

والرفع المبالغ فيه، بحيثُ يجهدُ نفسه بما يُشبه الصّراخ الشديد، لا يُشرع، فقد روى البيهقي عن أبي محذورة، قال: لمّا قدم عُمر إلى مكة أذنتُ، فقال لي عُمر: يا أبا محذورة أما خِفت أن ينشقّ مُر يطاؤك. أما إذا كان المؤذن منفرداً يؤذن لنفسه أو معه نفرٌ قليل، فلا يُشترط له رفعُ الصوت، بل يُسمع نفسه ومن معه فقط بالاتفاق. واستعمال الأجهزة الحديثة” مكبرات الصوت” لإيصاله حسن ومقصد مشروع.

كلام المؤذن أثناء أذانه:

يُكره كلام المؤذن أثناء أذانه؛ وذلك لأن يُلزم منه الفصلُ والانشغال بغيره، ما لم يكن ضرورة وحاجة، قال البخاري رضي الله عنه في صحيحه: باب الكلام في الأذان، وتكلم سُليمان بن صُرد في أذانه، وقال الحسن: لا بأس أن يضحك وهو يؤذن أو يُقيم، وحدثنا مسدد، قال: حدثنا حماد عن أيوب وعبد الحميد صاحب الزيادي وعاصم الأحوال عن عبد الله بن الحارث، قال: خطبنا ابن عباس في يوم ردغٍ، فلما بلّغ المؤذن حيّ على الصلاة، فأمرهُ أن ينادي “الصلاة في الرحال” فنظر بعضُ القوم بعضهم إلى بعضٍ، فقال: فعل هذا من هو خير منه، وإنها عزمةٌ.

وقد سئل الإمام أحمد: الرجل يتكلم في أذانه؟ فقال نعم، فقيل له: يتكلم في الإقامة؟ فقال: لا. والانشغال بالأذان حتى إتمامه عن غيره أولى؛ كرد السلام وإجابة السائل، ما لم يكن بُد، وآكد ذلك السلام وقد قال بعضهم:

ردّ السلام واجبٌ إلا على    من في الصلاة أو بأكلٍ شُغلاً.

أو شربٍ أو قراءة أو أدعية    أو ذكر أو في خطبة أو تلبيه.

وفي قضاء حاجة الإنسان    أو في إقامة أو الأذان.

أو سلّم الطفلُ أو السّكران   أو شابة يخشى بها افتتان.

أو فاسق أو ناعسٍ أو نائمٍ    أو حالة الجماع أو تحاكم.

أو كان في الحمام أو مجنوناً   أو واحدةٌ يتبعها عشروناً.

إتمام الأذان من واحد:

ويُشترط أن يكون المؤذن للأذان واحداً، فمن ابتدأه يُتمّه إلى آخره، وإذا تعذر عليه إكمالهِ، كمرضٍ أو إغماء أو حاجة عارضة فيُعيده غيرهُ من أوله عند جمهور العلماء.


شارك المقالة: