البغي:
فالبغيُ في اللغة: هو الظلم والتعدي والاستطالةِ وقصد الفساد، ومصدره بَغى يَبغي بغياً، فيقال بغى فلان على الناس أي ظلمهم واستطال عليهم، وطلب أذاهم. أما الفئة الباغية: وهي الفئة الظالمة والخارجةُ عن طاعة الإمام العادل، وأصله من بغى الجرح، إذ ترامى إلى فسادٍ. والبغي مصدر بغى، يَبغى أي ظلم واعتدى وبغى وسعى بالفساد. وبغى فلان، أي تجاوز الحدّ واعتدى، كما قال الله تعالى:” فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ“الحجرات:9.
أما البغي اصطلاحاً: وهو الخروج عن طاعة من تُثبت إمامته ومغالبته بالقوة. فقال ابن عرفة: إن معنى البغي هو الامتناع عن طاعة من ثبتت إمامته في غير معصية بمغالبةٍ ولو تأويلاً. إن أهل البغي هم الظلمة الخارجون عن طاعة الإمام المعتدون عليه، والبُغاة هم الخارجون من المسلمين عن طاعة الإمام الحق.
وطاعة الإمام تجب في معروفٍ أو مندوب، ولا تجب في معصيةٍ؛ لأنه لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق، والممتنع عن الطاعة في المعصية لا يكون باغياً. والبُغاة هم الذين يقاتلون على التأويل مثل الطوائف الضالة كالخوارج والقدرية وغير ذلك، وهم الذين أيضاً يخرجون على الإمام، أو يمتنعون من الدخول في طاعته، أو يمنعون حقاً واجباً عليهم، مثل الزكاة أو غيرها.
الأدلة التي تدل على عقوبة البغي:
إن كل من بويع إماماً للناس، وثبتت إمامته فقد وجبت طاعته، وحرم الخروج عليه ومقاتلته، وذلك لقول الله تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ“النساء:59.
فإن بغى على الإمام أحدٌ وخرج عن طاعته، فقد وجب قتاله حتى ينتهي أمره عند الله. ويعود الأصل في ذلك إلى الكتاب والسنة والإجماع.
أماالكتاب: فقال تعالى: وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ– إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ“الحجرات:9-10.
السنة: قال النبي صلّى الله عليه وسلم:”من بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر. فهذا الحديث يدل على الأمر بقتال من خرج على إمام المسلمين وأراد تفريق كلمة المسلمين.
الإجماع: فقد أجمع الصحابة على قتال البُغاة: حيث أنه قاتل أبو بكر رضي الله عنه كل من يمنع الزكاة، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه قاتل أهل الجمل وصفين والنهروان.