ما هي الحكمة من عدم ذكر الدجال في القرآن؟

اقرأ في هذا المقال


الحكمة من عدم ذكر الدجال في القرآن

يقول الحافظ ابن حجر في فتح الباري: بأنه قد اشتهر السؤال عن الحكمة في عدم التصريح بذكر الدّجال في القرآن، مع أنه ذُكر عنه في الشر، وعظم الفتنة به وتم تحذير الأنبياء منه، وتم الأمر بالاستعاذة منه حتى في الصلاة، وأجيب بأجوبةٍ عدة منها:
1. أنه ذكر في قوله تعالى:”يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ” الأنعام:158.
فقد أخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:” ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيراً، طلوع الشمس من مغربها، والدّجال، ودابةُ الأرض”.
2. وقعت الإشارة في القرآن الكريم إلى نزول عيسى ابن مريم عليه السلام، ففي قوله تعالى:”يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ” النساء:159. وقد صحّ أنه المسيح عيسى عليه السلام هو الذي يقتل الدّجال، فاكتفي بذكر أحد الضدين عن الآخر ولكونه يُلقب بالمسيح عيسى، لكن المسيح الدّجال مسيحٌ الضلالة، وعيسى، هو مسيح الهدى.
3. أنه ترك ذكره احتقاراً، وتعقب هذا القول بذكر: يأجوج ومأجوج، وليست الفتنة بهم بدون الفتنة بالدّجال والذي قبله، وتعقب هذا أيضاً بأن السؤال باقٍ، ألا وهو ما الحكمة في ترك التنصيص عليه؟ فأجاب شيخنا الإمام البلقيني؛ بأنه اعتبر كل من ذكر في القرآن من المفسدين، فوجد كل من ذكر إنما هم ممن مَضي وانقضى أمرهُ، وأما من لم يجيء بعد، فلم يذكر منهم أحد. وهذا الرأي ينتقض بيأجوج ومأجوج.
لقد وقع في تفسير البغوي: أن الدّجال مذكور في القرآن الكريم، في قوله تعالى:”لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” غافر:57. فالمقصود بالناس هنا هم الدّجال، وهو من باب إطلاق الكل على البعض وهذا إن ثبت أحسن الأجوبة، فيكون من جملة ما تكفّل النبي عليه الصلاة والسلام ببيانه. وهذا كله علمه عند الله.

هل ذكر المسيح الدجال في القران

فإن اعتُرض بأن القرآن ذكر فرعون، وهو قد ادّعى الربوبية والألوهيةِ، فلماذا لم يذكر المسيح الدّجال وهو ممّن ادّعى الربوبية والألوهية كذلك، فيقال: إن أمر فرعون انقضى وانتهى، وذُكر عبرة للناس وعظة، وأما أمر الدّجّال، فسيحدث في آخر الزمان، فترك ذكره امتحاناً به، مع أن ادعاءهُ الربوبية أظهر من يُنبّه على بطلانه؛ لأن الدّجال ظاهر النقص، واضح الذم، أحقر وأصغر من المقام الذي يدعه، فترك الله ذكره، لما يعلم تعالى من عباده المؤمنين، أن مثل هذا لا يُخيفهم ولا يزيدهم إلا إيماناً وتسليماً لله ورسوله، كما يقول الشاب الذي يقتله الدّجّال ويجيبهُ. والحديث في البخاري:” والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم”.


شارك المقالة: