خطوات التي يتبعها المصلي للخشوع في الصلاة والابتعاد عن الغفلة:
هناك خطوات يتبعها المُصلي من أجل الخشوع في صلاتهِ وأن يبتعد الغفلة ومن أهمها مايلي:
- وضع اليدُ اليمنى على اليد اليُسرى جهة الصدر:
إنّ الأمور التي تجلب الخشوع هي وضع المُصلي يدهُ اليمنى على اليسرى على منطقة الصدر حين قيامهِ في الصلاة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يضع يديه على صدره: اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد؛ لحديث وائل بن حُجر قال: “صليت مع النبي عليه الصلاة والسلام فوضع يده اليمنى على اليسرى والرسغ والساعد” أخرجه ابن خزيمة. - أن يُشير بالسبابة وتحريكها في الدعاء في التشهد:
إنّ الإشارة بالسبابة تجلبُ الخشوع، وفيها إغاظةٌ للشيطان؛ وذلك لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه كان إذا جلس في الصلاة وضع يديهِ على ركبتيهِ، وأشار بإصبعه وأتبعها بصره، ثم قال: قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم: “لَهي أشدُّ على الشيطان من الحديد” أيّ بمعنى السبابةُ.
فالإشارُة بالسبابة عند التشهد في الصلاة أشدّ على الشيطان من الضرب بالحديد؛ وذلك؛ لأنها تُذكّر العبد بوحدانية الله تعالى، والإخلاص في العبادة، وهذا أعظم شيءٍ يكرهه الشيطان نعوذ بالله منه.
إنّ المُصلّي يستحبُ له في الجلوس في التشهد أن يضع يده اليسرى أو ركبتهِ اليسرى، ويضع يدهُ اليُمنى على فخذه اليُمنى، ويقبضُ أصابع اليمنى كُلها إلا السبابة، فيُشيرُ بها إلى التوحيد؛ وذلك لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: “أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع كفهُ اليُمنى على فخذه اليُمنى وقبضَ أصابعه كلها وأشارَ بإصبعهِ التي تلي الإبهام، ووضع كفهِ اليُسرى على فخذهِ اليُسرى” كتاب مسلم.
إنّ الحكمة في الإشارة بالسبابةِ تُشير إلى أنّ المعبود سبحانه وتعالى هو واحد، وأنّ نيتهُ بالإشارة هي التوحيد والإخلاص فيه، فيكون جامعاً في التوحيد بين القول والفعل والاعتقاد، فعلى ما تقدم يُشير بالسبّاحةِ عند ذكر الله يدعو بها. - النظر إلى موضع السجود، وإلى السبابة:
إنّ النظر إلى موضع السجود وإلى السبابة أثناء التشهيد يُعين على الخشوع في الصلاة؛ فإن النبي عليه الصلاة والسلام كان يفعل ذلك، فالسنة أن ينظر المُصلي موضع سجوده، فقد ذُكر أن النبي عليه الصلاة والسلام: “كان إذا صلّى طأطأ رأسه ورمى ببصره نحو الأرض”. البيهقي في السنن الكبرى وصححه الألباني. وعندما دخلَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلم الكعبة ما خلفَ بصرهُ موضع سجودهِ حتى خرج منها. - أن يكون يعلم بأنهُ يدعو الله ويخاطبه وأن الله يرد عليه ويُجيبهُ:
إنّ المسلم يُخاطب الله تعالى في صلاتهِ، والله تعالى يُجيبهُ؛ فإذا عَلمَ ذلك،، فإنه يخشع في صلاتهِ، ويُقبلُ بقلبهِ إلى ربه عز وجل لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام وفيه: فإني سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبدُ “الحمدُ لله ربّ العالمين”، قال تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال “مالك يوم الدين”، قال: مجدني عبدي، وقال مرةً، فوضّ إلي عبدي، فإذا قال: “إيّاك نعبدُ وإيّاك نستعين” قال هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال:“اهدنا الصراط المستقيم- صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالّين” قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل”رواه مسلم. - الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم:
إنّ الشيطان عدوٌ لكلِ شخصٍ مسلم، ومن شدةِ عداوتهِ قيامهُ بالوسوسة للمُصلّي حتى يُذهب الخشوع عنه، ويُلبّس عليه الصلاة. والوسواس يعرضُ لكل من توجه إلى الله تعالى بذكرٍ أو بغيره لا بدّ له من ذلك، فينبغي للعبدِ أن يثبت ويصبر ويُلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، وأن لا يتضجر؛ فإنهُ بملازمةِ ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان: “إنّ كيدّ الشيطان كان ضعيفاً” النساء:76.
إنّ العبدُ حينما ينهضُ إلى صلاتهِ فإنّ الشيطانُ يغار منه؛ فإنهُ قد قام في أعظم مقامٍ، وأقربهُ، وأغيظهُ للشيطانِ وأشدهُ عليه، فهو يحرص، ويجتهدُ كلّ الاجتهاد أنّ لا يُقيمهُ فيه؛ بل لا يزالُ يَعدهُ ويمنّيه ويُنسيه ويجلب عليه بخيلهِ ورجلهِ لكي يُهوّن عليه شأن الصلاة، فيتهاون بها فيتركها، فإن عجز عن ذلك منه وعصاه العبدُ وقام في ذلك المقام، أقبل عدو الله تعالى حتى يخطر بينهُ وبين نفسهِ، ويحول بينهُ وبين قلبهِ، فيذكّره في الصلاة ما لم يكن يذكر قبل دخولها فيها، حتى ربما كان قد نسي الشيء والحاجة، وأيس منها، فيُذكره إيّها في الصلاة؛ ليُشغل قلبهُ بها، ويأخذهُ عن الله تعالى فيقوم فيها بلا قلب، فلا ينال من إقبال الله تعالى وكرامته وقربه ما ينالهُ المقبل على ربه تعالى الحاضر بقلبه في صلاته، فينصرف من صلاتهِ مثلما دخل فيها بخطاياه، وذنوبه وأثقاله لم تُخفف عنه بالصلاة، فإن الصلاة إنما تكفّر سيئات من أدى حقها وأكمل خشوعها ووقف بين يدي الله تعالى بقلبهِ وقباله.