ما هي النظريات التي فرضت الزكاة على أساسها؟

اقرأ في هذا المقال


الله تعالى خالق حكيم عليم بعباده، فقط فرض العبادات بما يتناسب مع طاقة البشر، وبما يصب في مصلحتهم وتسهيل أمور حياتهم، وكان لكل من العبادات أهداف وغايات فُرضت على أساسها، وكان هذا يتعلق بالأفراد خاصة وبالمجتمع الإسلامي عامة، وفي هذا المقال أهم النظريات التي تشكل أساس فرض عبادة الزكاة.

النظريات التي فرضت الزكاة على أساسها:

النظرية العامة للتكليف:

الله تعالى خلق العباد وكلفهم بما يشاء، وفرض عليهم من الواجبات المتعددة سواء كانت تتطلب جهود بدنية أو مالية، وعلى العباد أداء هذه الواجبات، لكسب رضا الله تعالى، وشكره على ما أنعم عليهم من نعم، وبفرض هذه الواجبات يكون الله تعالى قد اختبر البشر، وعرف ما في قلوبهم، ومَن يعمل بما يُرضيه، ويتبع ما اُنزل عليهم عن طريق الرسل والأنبياء عليهم السلام، ويظهر العبد المحسن من العبد المسيء.

فلم يخلق الله تعالى الإنسان عبثاً، ولم يتركه في الحياة الدنيا بلا حساب، وإنما بعث الرسل والأنبياء للعباد لهدايتهم لعبادة الله تعالى وحده، وبيان ما لهم من حقوق في هذه الحياة الدنيا، وما عليهم من واجبات، وأن كل منهم مُحاسب على ما يقوم به من أفعال، يُثاب على أعماله الحسنة ويُؤثم على الأعمال السيئة.

فقد كلف الله تعالى العباد بفريضة الزكاة، كما كلفهم بالعبادات الأخرى، من صلاة وصيام وحج، والزكاة عبادة تتطلب جهد مالي، يُنفق العبد فيها جزءاً من ماله، وفرضت الزكاة في المال؛ لأهميته في حياة الناس وعلاقته بسعادتهم وتأمين حاجاتهم، وأنه على العبد أن يُنفق من هذا المال في سبيل الله تعالى لينال رضاه.

نظرية الاستخلاف:

العبد وماله ملك لله تعالى، وقد استخلف الله تعالى العباد في المال، وكلفهم في إدارته وتنميته، والاستعانة به لاستمرار حياتهم.

والمال من النعم التي فضّل الله تعالى بها على عباده، ومهما عمل الإنسان بالمال وبذل فيه من جهود على تنميته وزيادته، فهذا كله بيد الله تعالى، وأنه سبحانه وتعالى هو الذي منح الإنسان هذه القدرات، وأعطاه الإمدادات للعمل في المال، فقال الله تعالى: “وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ” سورة النحل آية 53.

لذلك من واجب الإنسان تجاه ربه، أن يُنفق في سبيله من هذا المال، على سبيل شكره لله تعالى على هذه النعمة، قال تعالى: “وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ” سورة البقرة آية 3.

نظرية التكافل بين الفرد ومجتمعه:

الإنسان بطبيعته مخلوق اجتماعي لا يستطيع العيش إلاّ مع الجماعة، وحتى يتحقق له ذلك لا بد له من أن يقوم بالعديد من الواجبات تجاه مجتمعه، مقابل أن يحصل على ما يستحق من حقوق، وبذلك يكون قد حقق مطلبه في العيش ضمن مجتمع متكامل ومتعاون.

وبناءً على ما سبق للمجتمع حق على الفرد، سواء في خبراته وجهوده وأعماله دون التعدي على حقوقه، وأملاكه التي شُرعت له، فالمجتمع له نصيب من مال الفرد، يتم إنفاقه فيما يحقق المصلحة العامة، لذلك فرض الله تعالى الزكاة على العباد، لتكون سبيلاً لتلبية حاجات الفقراء في المجتمع الإسلامي، ثم رصيداً لحساب المصلحة العامة، يتم استخدامه في الحالات التي تتطلب ذلك، وعلى الإنسان الإنفاق في سبيل الله تعالى ما دام الإسلام موجوداً على الأرض.

نظرية الإخاء بين المسلمين:

الإخاء بين الأفراد أبعد مدى، وأعظم فائدة من التكافل بين الفرد ومجتمعه، فهو صفة تنبع من داخل الفرد، تُظهر إنسانيته وعطائه، فمساعدة العبد لأخيه العبد، فيها الكثير من هذه المعاني، التي لها دور كبير في بناء المجتمع، وتحقيق التكافل المنشود، وهذه الأخوة هي حق من حقوق العباد في المجتمع الإسلامي، أكد عليها النبي _عليه الصلاة والسلام.

ومن أساسيات تحقيق هذا الإخاء المنشود في المجتمع الإسلامي فريضة الزكاة، فعند أخذ المال من ملك الأغنياء، وتقديمه للفقراء بهدف إعانتهم ومساعدتهم، يكون المجتمع الإسلامي قد حقق الأخوة والتكافل بين المسلمين، وبناء مجتمع إسلامي مثالي، يقوم على المحبة والتعاون.


شارك المقالة: