بعض حالات الإعدام تعزيراً:
إن من أهم الحالات التي قال فيها الفقهاء بجواز الإعدام تعزيراً هي جرائم التجسس والقتل المُثقل وما في حكمه واللواطة، والدعوة إلى البدعة في الدين. ونظراً لأهمية عقوبات هذه الجرائم سنتحدث عن كل واحدةٍ منها:
التجسس:
إن عند الحنفية إذا كان الجاسوس مسلماً، فإنه لا يُقتل تعزيراً. وهذا هو الرأي عند الشافعية. وقد استدل على ذلك بما روى عن علي قال: بعثني الرسول عليه الصلاة والسلام أنا والزبير والمقداد، فقال: “انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخٍ، بأن فيها ظعينة معها كتابٌ فخذوه منها ” فانطلقنا حتى أتينا الروضة، فإذا بالظعينة، فقلنا، أَخرجي الكتاب، فأخرجته من عقاصها، فأتينا به الرسول عليه الصلاة والسلام فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس بمكة، يُخبرهم ببعض أمور الرسول صلى الله عليه فقال: الرسول صلّى عليه وسلم:” يا حاطب ما هذا “قال: يارسول الله لا تعجل علي إنما كنت أمراً مُلصقاً، فأحببت أن أتخذ عندهم بدأ يحمون به قرابتي، ولم، ولم أفعل ذلك ارتداداً عن ديني، ولا أرضي الكفر بعد الإسلام فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: ” أما إنه قد صدق”. فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق.
فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: ” إنه شهد بدراً”. قال سفيان بن عيينة فأنزل الله تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ ۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ“الممتحنة:1.
وهذا الرأي مال إليه أحمد، وبعض الحنابلة، كالقاضي أبي يعلي. وعند بعض المالكية يُعاقب بالجلد وإطالة السجن والنفي من الموضع الذي كان فيه، قيل إن عدم القتل إذا لم يكن معتاداً. وعند مالك يجوز قتل الجاسوس المسلم إذا كان يتجسسُ للعدو على المسلمين.
وقال سحنون في المسلم الذي يكتب لأهل الحرب بأخبار المسلمين، إنه يُقتل ولا يُستتاب، ولا دية لورثتهُ كالمحارب. وقيل يُقتل إلا أن يتوب. وقيل: إلا أن يعذر بجهل. وقيل، يُقتل إن كان معتاداً لذلك؛ وإن كانت فلتهُ ضربٌ ونكلٌ. وقد ذهب بعضهم إلى قتل الجاسوس المسلم كذلك بعض أصحاب أحمد كابن عقيل. وهذا عن الجاسوس المسلم. أما غير المسلم فإنه يُقتل تعزيراً عند أغلبية الفقهاء.