حقيقة القتل العمد ومذاهب الفقهاء فيه:
لقد قسم الفقهاء الجناية على النفس إلى أقسامٍ عدة ومختلفة من حيث القتل العمد والخطأ وشبه العمد، وفيما يلي توضيحُ لتلك المعاني.
القتل العمد:
– القتل: لغة وهي مأخوذة من الفعل: قُتل قتلاً أي أماتهُ، وأقتلهُ أي بمعنى عرضهُ للقتل، وقاتلهُ مقاتلةً وقتالاً: أي حاربهُ محاربة.
القتل اصطلاحاً: وهو فعل يحصلُ به زهوق الروح.
– العمد لغة: وتعني عمدتُ الشيء عمداً أي قصدته، والعمد ضد الخطأ في القتل وسائر الجنايات والتصرفات.
العمد اصطلاحاً: وهو أن يقصد الشيء والاستنادِ إليه. واتفق الفقهاء على أن القتل العمد: هو أحد أقسام القتل، وقد اختلفوا في تعريفه على بعض المذاهب التالية:
1. مذهب الحنفية: عرفوا الآلة بالسلاح، أو ما أجري مجرى السلاح في تفريق الأجزاء، وعليه فقد عرفوا القتل العمد: بأنه ما تعمد ضربه بسلاحٍ أو ما أجري مجرى السلاح في تفريق الأجزاء، مثل الشيءالمحددِ من كالحجرِ لا الخشب والنار.
2. مذهب المالكية: لا اعتبار لهم بالآلة، ولكن المُعتبر هو تحقق القصد. وعليه فقد عرفوا القتل العمد: هو أن يقصد القاتل القتلَ بالضرب بشيءٍ محدد، أو مثقل، أو بإحراق أو تغريق، أو خنق، أو سمّ، أو ما شابه ذلك.
3. مذهب الشافعية والحنابلة: فقد عرفوا الآلة بأنها ما تُقتلُ غالباً، وعلى ذلك فقد عرفوا القتل العمد: هو أن يتعمد ضرب الشخص بسلاحٍ أو ما أجري مجرى السلاح وقصد من ذلك قتله.
التعريف المختار: هو الذي اعتبر فيه القتل عمداً إذا توفر فيه القصد والآلة المستخدمة التي تقتلُ غالباً، وهو مذهب الشافعية والحنابلة؛ لأن القصد والنية هي دليل على العمد، ونوع الآلة ممّا يغلبُ على الظن حصول الزهوق بها عند استعمالها، وهذا دليل على العمدية في الفعل.
ولا ينبغي التفريق بين هذين الركنين، والاقتصار على القصد كما هو عند الحنفية والمالكية، بغض النظر عن الآلة المُستخدمة في الفعل، مع أن القصد لا يمكن اعتباره بنفسه، فيجب ضبطه بمظنتهِ بما يقتل غالباً من الآلات من أجل تيقنِ حصول العمد به. وإذا ما تحقق قتل العمد فقد يترتب عليه آثاره وعقوباتهِ وهي القصاص أو الدية المغلظة، إذا عفا وليّ القتيل إلى الديّة.