ما هي خصال كفارة اليمين؟

اقرأ في هذا المقال


خصال كفارة اليمين:

إن خصال كفارة اليمين تشتمل على أربعة مطالب وهي: الإطعام، الكسوة، عتق رقبة، الصيام. وسُنفصل كل ممّا يلي على حدة.

الإطعام:

ويجب على من حنث في يمينه وأراد أن يتراجع عن إمضاء مقتضاه أن يُكفّر عن يمينه بإحدى الخصال الشرعية التي سنّها الشارع الحكيم، وأول هذه الخصال حسب ترتيب الشارع هي الإطعام.

صفة من يستحق الإطعام:

ذكر الله تعالى صفة من يستحق الإطعام في كفارة اليمين وهم المساكين. والمسكين هو: من لا مال له، أو له مال لا يكفيه هو ومن يعول، وليس عنده من يعوله. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:“ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن به فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس” أخرجه البخاري.
ويدخل في المسكين الفقير؛ لأنه أشد حاجةً. فذكر ابن تيمية أن اسم الفقير إذ أطلق دخل فيه المسكين، وإذا أطلق لفظ المسكين تناول الفقير وإذا قرن بينهما فأحدهما غير الآخر، فالأول كقوله: “وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ” البقرة:271.

مقدار الطعام:

لم يرد هناك نص شرعي في مقدار الطعام ونوعه، بل ورد النص مطلقاً من التحديد والتعيين، وبالتالي اختلف العلماء فيه بسبب اختلافهم في تأويل قوله تعالى: “مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ” المائدة:89. وفي هذه الآية هناك عدة أقوال:

– الحنفية:
ورد في المبسوط “لكل مسكين نصفُ صاعٍ من حنطة”.
– المالكية: قال سحنون: قلت: أرأيت كم إطعام المساكين في كفارة اليمين. قال: قال مالك: مد مد لكلِ مسكين. قال مالك: وأما عندنا ها هنا فليكفر بمد النبي عليه الصلاة والسلام في اليمين بالله مد مد، وأما أهل البلدان فإن لهم عيشاً غير عيشنا فأرى أن يكفروا بالوسط من عيشهم، يقول الله تعالى: “مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ” المائدة:89.
– الشافعية: وقال الشافعي: ويجزئ في كفارة اليمين مدٌ بمد النبي عليه الصلاة والسلام من حِنطة ولا يجزئ أن يكون دقيقاً ولا سويقاً، وإن كان أهل بلد يُقتاتون الذرة، أو الأرز، أو التمر أو الزبيب أجزأً من كل جنسٍ واحد من هذا مدّ بمد النبي عليه الصلاة والسلام.
– الحنابلة: قالوا إن لكل مسكين مدّ من حنطة أو دقيق، أو رطلان خبزاً، أو مدان تمرّاً أو شعيراً.
– الظاهرية: قال ابن حزم: ولا يُجزئ إلا مثل ما يطعم الإنسان أهله، فإن كان يعطي أهله الدقيق، فليُعطِ المساكين الدقيق، وإن كان يعطي أهله الحب فليعطِ المساكين الحب، وإن كان يعطي أهله الخبز، فليعطِ المساكين الخبز، ومن أي شيء أطعم أهله فمنه يطعم المساكين، ولا يجزئه غير ذلك أصلاً؛ لأنه خلاف نص القرآن ويعطي من الصفة، والمكيل الوسط، لا الأعلى ولا الأدنى.

الإطعام له ثلاث كيفيات:

  • أن يصنع طعاماً يكفي عشرة مساكين ثم يدعوهم؛ وذلك لأن الله تعالى أطلق فقال: “إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ” المائدة:89. فإذا صنع طعاماً وتغدّوا أو تعشوا فقد أطعمهم.
  • إعطاء الحب غير مطبوخ، لكل مسكين نصف صاع، وقد قدّره بعض العلماء بنحو كيلو من الأرز، مثلاً لكل واحد، فيكون عشرة كيلوات للجميع، ويحسن في هذه الحال أن يجعل معه ما يؤدمهُ من لحم أو نحوه، ليتم الإطعام؛ لأن الله تعالى يقول: “إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ” المائدة:89.
    والدليل التقدير بنصف صاع حديث كعب بن عُجرة رضي الله عنه حين أذن له النبي عليه الصلاة والسلام أن يحلق، ويُطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، فعيّن لكل مسكين نصف صاع، فيُقاس عليه البقية.
  • إعطاء قيمة الإطعام. والأصل في تقدير الحاجة الفعلية للفرد في اليوم مراعاة الظروف الاجتماعية والفردية لكل شخص بحسبه، ويمكن لمتولي الصرف أن يتحرى لمعرفة ما يسد تلك الحاجة وينبغي في مثل هذه الأمور الاستعانة بأهل الخبرة الموثوق بهم شرعاً.

العدد المعتبر في الإطعام:

اتفق العلماء على أن من أطعم عدد عشرة مساكين فقد أجزأه، وقام بالمطلوب منه شرعاً. واختلفوا في اشتراط العدد عشرة، ويتفرع عن هذه المسألة مسألتان مهمتان وهما:
المسألة الأولى: هل يجزئ إطعام مسكين واحد في عشرة أيام متفرقة. وفيها عدةُ أقوال:
لا يجزيه إلا أن يطعم عشرة مساكين، وهو قول مالك والشافعي وأحمد.
إن أطعم مسكيناً واحداً عشرة أيام أجزأه وهو قول أبي حنيفة، ورواية عن أحمد حكاها عنه أبو الخطاب، وهو مذهب الحنابلة عند عدم توفر العدد المذكور.
المسألة الثانية: هل يُجزئ إطعام مسكين واحد في يوم واحد دفعة ما يكفي عشرة مساكين.
فالعلماء الذين منعوا إطعام مسكين واحد في أيام متفرقة يمنعون إطعام مسكين واحد في يوم واحد دفعة واحدة من باب أولى. والمجيزون اختلفوا في ذلك:
فمنهم منع إطعام مسكين واحد طعام عشرة في يوم واحد وهو المشهور في مذهب أبي حنيفة؛ لأن الله تعالى أمر بسد جوعة عشرة مساكين جملة أو متفرقاً على الأيام ولم يوجد. والأصل في الطعام هو طعام الإباحة إذ هو المتعارف في اللغة وهو التغديةِ والتعشيةِ لدفع الجوع وإزالة المسكنة وفي الحاصل دفع عشر جوعات وهذا في واحد في حق مسكينٍ واحد لا يكون فلا بد من تفريق الدفع على الأيام.
ومنهم من أجازه؛ لأنه دفع ما يتحقق به الإطعام لعشرة أو لواحد في عشرة أيام متفرقة، إذ لا فرق، ولا دليل على وجوب تعدد الأيام.
ومنهم أجاز البعض دفع الطعام لمسكين واحد في يوم واحد بشرط أن يكون على دفعات متفرقة في أوقات مختلفة؛ لأن الحاجة إلى التمليك تتجدد في يوم واحد.
.


شارك المقالة: