راتبة صلاة العصر:
ويتعلق براتبة صلاة العصر عدةُ مسائل وهي حكمها وفضلها وصفتها وهي كالتالي:
أولاً حكمها: إن راتبة العصر من السنن والرواتب، التي ثبت الترغيب فيها من الرسول صلى الله عليه وسلم، كما ثبت فعلهُ لها، فالمحافظة عليها هي من الأمور المستحبة.
ثانياً: فضلها: فعن ابن عمر؛ قال رسول الله صلى عليه وسلم:“رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعاً” أخرجه أحمد والترمذي. والحديث يدلُ على استحباب فعل هذه الحركات، بل والمحافظة عليها؛ رجاء الدخول في دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً: صفتها: إن راتبة العصر، هي أربع ركعات موصلاتٍ بتشهدينِ كالصلوات الرباعية، يسلم في آخرهن، تصلّى قبل صلاة العصر.
فعن عاصم بن ضمرة السّلُوليّ؛ قال: سألنا عليّاً عن تطوع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهار؟ فقال: إنكم لا تُطيقونه، فقلنا: أخبرنا به، نأخذ منه ما استطعنا، قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر يمهلُ حتى إذا كانت الشمس من هاهنا، أي من قبل المشرق بمقدارها من صلاة العصر من هاهنا، يعني من قبل المغرب، قام فصلى ركعتين، ثم يمهل حتى إذا كانت الشمس من هاهنا، أي من قبل المشرق مقدارها من صلاة الظهر من هاهنا، قام فصلى أربعاً، وأربعاً قبل الظهر إذا زالت الشمس وركعتين بعدها وأربعاً قبل العصر، ويفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين، قال علي فتلك ستَ عشرة ركعة تطوع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهار ، وقل من يداوم عليها “ أخرجه الترمذي وابن ماجه.
وهناك روايةٍ أخرى للنسائي وهي: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلّي حين تزيغ الشمس ركعتين، وقبل نصف النهار أربع ركعات، يجعلُ التسليم في آخره” حديث حسن.
قال أبو عيسى الترمذي: “إنّ حديث علي حديث حسن ، واختار إسحاق بن إبراهيم أن لا يفصل في الأربعِ قبل العصر، واحتجّ بهذا الحديث، وقال إسحاق: ومعنى أنه يفصل بينهنّ بالتسليم، أي في التشهد”. ورأى الشافعي و أحمد صلاة الليل والنهار مثنى مثنى؛ يختارانِ الفصلُ في الأربع قبل العصرِ.
قلت: إن في الظاهر هو ما قاله إسحاق بن إبراهيم، ويؤيده الرواية التي عند النسائي: “يجعل التسليم في آخره”، ويرشحهُ أنه لو كان المراد بالتسليم للخروج من الصلاة في قوله :“يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين والمرسلين، فلو كان المراد هو التسليم للخروج من الصلاة؛ للزم المصلي أن ينوي ذلك، وهذا لم يرد شرعاً، فدل هذا على أن المراد بالتسليم على الملائكة المقربين، التشهد خاصة وقد ورد مرفوعاً أن التشهد فيه التسليم على كل عبد صالح في السماء و الأرض”.
وعلى ذلك فإن تخصص هذه الراتبة من عموم حديث: “صلاة الليل والنهار مثنى مثنى”. والحديث هنا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي تلك الأربع ركعات قبل العصر، فعدّها من السنن الرواتب هو ذلك الأمر الصحيح إن شاء الله وذلك لثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً.