شروط الصلاة في الإسلام:
فالشروط هو جمع شرط، والشرط هو الذي يُلزم من عدمهِ العدم، ولا يلزم من وجوده وجود، والمعنى أنه يلزم من كون الإنسان غير متطهر ألّا تصحُ له صلاة؛ لأنّ شرطُ الصلاة والطهارة، لقوله عليه الصلاة والسلام: “لا يقبل الله صلاةُ أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ” رواه البخاري. وقد يتوضأ الإنسان ثم يُحدث دون أن يُصلي صلاةً بذلك الوضوء، فلا يلزم من وجود الطهارة وجود الصلاة. ومن شروط الصلاة هي ما يلي:
1- الإسلام:
وضده الكفر، والكافر عملهُ مردودٌ ولو عملَ أي عمل، بدليل قول الله تعالى: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ ۚ أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُون” التوبة:17. فكلُ عملٍ يتقربُ به إلى الله في هذه الأمة لا ينفعُ صاحبهُ إلا إذا كان مسبوقاً بشهادة أنّ لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ومبنياً عليهما، فلا بدّ من إخلاص العمل لله وهو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله، ولا بدّ من متابعة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكلّ عمل يعملهُ الكافر، فإنه لا ينفعهُ عند الله عزّ وجل لفقدهِ شرط الإسلام.
2- العقل:
وضده الجنون، والمجنون مرفوعٌ عنه القلم حتى يفيق، والدليل على ذلك، حديث “رُفع القلم عن ثلاثة، وهم النائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق، والصغير حتى يبلغ”.أخرجه البخاري. فلا بدّ للمصلّي في صلاتهِ أن يكون حاضر العقل ليس فاقداً له بجنونٍ أو سكرٍ؛ وذلك لأن المجنون مرفوعٌ عنه القلم غير مُكلفٍ، والسكران أفقد نفسهُ عقلهُ فألحقها بالمجانين، فلا يعقلُ صلاتهُ.
3- التمييز:
وضده هو الصغر، وحدّهُ هو سبع سنين، ثم يؤمر بالصلاةِ لقوله عليه الصلاة والسلام: “مُروا أبناءكم بالصلاةِ لسبعٍ، واضربوهم عليها لعشر وفرّقوا بينهم في المضاجعِ” فإنّ بلغ الصغير سنّ التمييز وهو سبعُ سنين أُمر بالصلاة، ليس على سبيل الإنجاب؛ وذلك لأن الوجوب إنما يكون بعد البلوغ، وأمرهُ بالصلاة في هذه السن ليتعود على الصلاة والإتيان بها على الوجه المشروع، وإن بلغ عشر سنين فقد تأكد أمرهُ بها وأدّب على ذلك بالضربِ الغير مبرح، لقوله عليه الصلاة والسلام: “مروا أبناءكم بالصلاة لسبعٍ” حديث صحيح أخرجه أحمد.
4- رفعُ الحدث:
وهو الوضوء المعروف، وموجبهُ الحدث. والحدث هو كل ما خرجَ من السبيلين، وهو بذلك ناقضٌ للوضوء، فالحدث هو الذي يوجب الوضوء، وينقسم الحدث إلى قسمان وهما الحدث الأكبر وهو ما يتوجب الغُسلُ منه وهو الجنابة والحيض والنفاس، والحدث الأصغر وهو ما يُوجبُ الوضوء، ورفعُ الحدث يكون بالغُسلِ والوضوء لمن وجد الماء أو قدرَ استعمالهُ، فإذا لم يوُجد الماء أو قُدر على استعمالهُ انتقل إلى رفع كل من الحدث الأكبر والأصغر بالتيمم، وإذا تيمم للحدث الأكبر ثم وُجد الماء اغتسل لقوله عليه الصلاة والسلام: “إنّ الصعيد الطيب طهورُ المسلم، وإنّ لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وُجد الماء فليمسهُ بشرته، فإن ذلك خير” أخرجه الترمذي.
وإذا اغتسل من عليه حدث أكبر ونوى رفع الحدث الأكبر والأصغر ارتفعاً، أما إذا أفاض الماءُ على جسدهِ في غُسل الجمعةِ أو التبرد ونوى رفع الحدث الأصغر فإنه لا يرتفعُ؛ وذلك لأنّ هذا الاغتسال ليس فيه رفعٌ للحدث.
5- إزالة النجاسة:
من ثلاثِ أمورٍ وهي البدن والثوب والبقعة، والدليل على ذلك قوله تعالى: “وثِيابكَ فطهّر”.
6- سترُ العورة:
فقد أجمع أهل العلم على فساد صلاة من صلى عرياناً وهو يقدر، وحدّ العورة للرجل هو من السرة إلى الركبة والأمة كذلك، والحرة كلها عورةٌ إلّا وجهها، والدليل قول الله تعالى: “يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ” الأعراف:31 أي بمعنى عند كل صلاة.
أدلة من القرآن الكريم على الصلاة:
- قال تعالى: “وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ” الأعراف: 170.
- قال تعالى: “إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ” التوبة: 18.
- قال الله تعالى: ” لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ” البقرة: 177.
- قال تعالى: “حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ” البقرة: 238.
- قال تعالى: “وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا” النساء: 102.