ما هي شروط وجوب القضاء؟

اقرأ في هذا المقال


تعريف القضاء:

القضاء : هو قيام المسلم بأحد العبادات في غير وقتها، والتي لم يستطع تأديتها في وقتها المحدّد بسبب عذر شرعي معين.
وقضاء الصّيام: معناه أن يصوم الإنسان ما فاته من الصيام الواجب كصيام رمضان أو صيام نذر معين لم يصمه، والكفارة ما أمر به العبد وجعله الله تعالى سبباً في تكفير الذنب كالصدقة والصيام والعتق.

شروط وجوب قضاء الصوم:

ويشترط في وجوب القضاء عدّة أمور من أهمها مايلي:

  1. القدرة على القضاء، حتى لو فاتهُ صوم رمضان بعذر المرض، أو السفر ولم يزل مريضا، أو مسافراً حتى مات، فقد لقي الله تعالى ولا قضاء عليه؛ لأنهُ مات قبل وجوب القضاء عليه، لكنّه أوصى بأنّ يطعم عنه، صحّت وصيته، وإن لم يجب عليه، ويطعم عنه من ثلث ماله؛ لأنّ صحّة الوصية لا تتوقّف على الوجوب، والوصيةُ تنفذ في الثلث.
  2. ألَّا يكون في القضاء حرج؛ لأنَّ الحرج منفيٌ بنص القرآن: كمن جُنّ في رمضان واستغرق جنونه كلّ الشهر؛ إذ لا يلزمه القضّاء للحرج.

وقت وجوب القضاء:

وهو سائر الأيام خارج رمضان سواء الأيام الستة التي ورد النهي عن الصيام فيها، وهي:

يومي العيد” الفطر والأضحى، وأيام التشريق الثلاثة، ويوم الشكّ؛ وذلك لقوله تعالى:( فمن كان منكم مريضا أو على سفرٍ فعدةٌٌ من أيام أخر)”البقرة 184″.

وهذا أمر بالقضاء مطلقاً عن وقت معين، فلا يجوز تقيده في بعض الأوقات إلَّا بدليل.

أمَّا وقت القضاء فهو سائر الأيام خارج رمضان سوى الأيام المنهي عن الصيام فيها على ما سنذكره فيما بعد، ودليل ذلك قوله تعالى:(فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدّة من أيام أخر..) ووجه الدلالة بهذه الآية الكريمة أنَّ الله تعالى أمر بالقضاء مطلقًا عن وقت معين، فلا يجوز تقييده ببعض الأوقات إلَّا بدليل، ولا دليل هنا.
وأيضًا فإنَّ الأمر بالقضاء هو على التَّراخي وليس على الفور. وما قلناه هو مذهب الحنفية. وقد ترتَّب على ذلك في مذهبهم جواز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان آخر، وليس عليه شيء إلَّا القضاء سواء كان التأخير لعذر أو لغير عذر ” كتاب البدائع”.

وقال الحنابلة: وقت القضاء مؤقَّت بما بين رمضانين، فمن فاته شيء من رمضان أن يقضيه في هذا الوقت ما لم يدخل رمضان آخر، لقول عائشة – رضي الله عنها ــ:( كان يكون علىَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلّا في شعبان). وجاء في التاج الجامع للأصول لأحاديث الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ عن عائشة: (إن كانت إحدانا لتفطر في رمضان في زمان رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ فما تقدر أن تقضيهِ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأتي شعبان)”سنن أبو داود”.

فلا يجوز له تأخير القضاء إلى ما بعد رمضان آخر من غير عذر؛ لأنَّ عائشة رضي الله عنها – لم تؤخّره إلى ذلك الوقت، ولو جاز التأخير لأخَّرته؛ ولأنّ الصوم عبادة متكرّرة فلم يجز تأخير الأولى عن الثانية، فإنْ أخَّره عن رمضان آخر، نظرنا: فإن كان لعذر فليس عليهِ إلَّا القضاء، وإن كان لغير عذر فعليهِ مع القضاء إطعام مسكين لكلِّ يوم، وبهذا قال ابن عباس، وأبو هريرة، ومجاهد ، وسعيد بن جبير، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق.

وقال الحسن، والنخعي، وأبو حنيفة: لا فدية عليه؛ لأنهُ صوم واجب ،فلم يجب عليه في تأخيره فدية؛ لأنَّ الفدية تجب خلفًا عن الصوم عند العجز عن تحصيله، عجزًا لا ترجى معه القدرة عادة على الصيام ، كما في حق الشيخ الفاني ولم يوجد العجز؛ لأنّه قادر على القضاء فلا معنى لإيجاب الفدية عليه مع القضاء.

كيفية وجوب القضاء:

وكيفية قضاء رمضان هي أن يصوم الإنسان أياماً بعدد ما فاته من أيام رمضان بنيةِ أنَّه عن رمضان، فمن فاته من رمضان صيام عشرة أيام مثلاً، فإنَّهُ يصوم بعد رمضان عشرة أيام بنيةِ أن تكون عِوضاً عن تلك الأيام وهكذا.. ومعنى الكفارة في صيام رمضان أن يفعل من لزمته الكفارة واحداً من ثلاثة أمور على الترتيب، أولها: عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعيين، فإن لم يستطيع أطعم ستين مسكيناً، فإن لم يستطع سقطت عنه الكفارة في قول الحنابلة .

يجب على التراخي: أي في مطلق الوقت بلا تعيين، وخيار التعيين إلى المكلّف، ففي أيّ وقت شرع فيه تعينُ ذلك الوقت للوجوب، وإن لم يشرع يتضيّق الوجوب عليهِ في آخر عمرهِ في زمان يتمكن فيه من الأداء قبل موته، فليس بمؤقّت بما بين الرمضانين؛ لأنَّ الأمر بالقضاء مطلق عن تعيين بعض الأوقات دون بعض، فيجري على إطلاقه.

فلو أخَّر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر، لا فدية عليه؛ لأن الفدية لا تجب بدلاً عن الصوم إلّا عند العجز عن تحصيلهِ عجزاً لا ترجى معهُ القدرة عادةً: كما في حقِّ الشيخ الفاني، أمّا إذا لم يوجد العجز فلا فدية عليه؛ لأنهُ قادر على القضاء، فلا معنى للإيجاب الفدية عليه.

ولو صام تطوعاً وعليه قضاء رمضان، لايكره له ذلك، فلا فدية عليه لتأخير القضاء.

ما حكم من لم يصم قضاء رمضان؟

يجب على المسلم الذي يترتب عليه قضاء أيَّام من رمضان أن يسارع إلى قضائها قبل حلول رمضان التالي، فإذا دخل رمضان التَّالي ولم يقضِ المسلم ماعليهِ من أيام، فإن كان سبب التأخير عذر بسبب مرض أو نحوه فلا يترتّب على المسلم في تلك الحالة دفع الفدية أو دفع كفارة، وإنّما يجب في حقّه قضاء الأيام التي أفطرها، وأمّا إذا كان تأخير قضاء الأيام بدون عذرٍ، فإن المسلم يترتب عليه الإثم بسبب ذلك، ويتوجّب عليه قضاء الأيام التي أفطرها، كما يترتّب عليه دفع الكفارة وهي فدية الصيام، وقد ذهب إلى هذا القول الإمام أحمد والشافعي ومالك، وأمّا الإمام أبو حنيفة فقد رأى وجوب القضاء دون الكفارة استدلالاً بقوله تعالى:(ومن كان مريضا أو على سفر فعدَّة من أيام أخر)”البقره 185″.

وقد رجّح العلامة الشيخ ابن عثيمين هذا القول بعدم وجود الدلالة على دفع الفدية في حالة تأخير الصيام، كما حمل قول الصحابة على الاستحباب دون الوجوب.

حكم من أخّر رمضان سنين عديدة:

لقد ذهب جمهور علماء الأمة الإسلامية من الشافعية، والحنابلة، والمالكية إلى القول بوجوب الكفارة على من أخّر قضاء الأيام التي أفطرها عدّة أعوام، وإنَّ الفدية في تلك الحالة لا تتضاعف، وعليه ذلك وأنَّ الواجب لا يتضاعف كما ذهب إلى ذلك ابن الحنبلي، بينما ذهب بعض الشافعية إلى القول بتضاعف الفدية على من أخَّر القضاء حتى مضى رمضانانِ فصاعداً ، بينما ذهب الحنفية إلى القول بترتب الإثم على من أخّر القضاء حتى دخل رمضان التالي دون أن تترتّب عليه الفدية أو الكفارة.


شارك المقالة: