ما هي صفة خلق آدم عليه السلام؟

اقرأ في هذا المقال


خلق آدم عليه السلام:

حينما أراد الله تُعمر الدنيا بهذا الجنس البشري توجهت قدرته لخلق هذا النوع الإنساني، فكان آدم هو أول إنسان عرفتهُ الدُنيّا خليفةً لله في أرضه يُحيي مواتها ويستخدم مواردها ويستخرج كنوزها، ويُقيم خلافة الله في الأرض، إن هذا المخلوق في الأرض، إنّ هذا المخلوق البشري الأول يرجعُ وجوده ومبدأ خلقه إلى آماد سحيقهِ لا سبيل إلى التكهن بها، فقد خلق الله آدم من غير ذكرٍ ولا أنثى، ثم خلق حواء زوجة من ذكر دون أنثى، ومن نسلِ آدم وحواء خلق الله عيسى عليه السلام من أنثى دون ذكر، أما باقي البشرية فقد خلقهم الله من ذكر وأنثى قال تعالى: “ومن كل شيءٍ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون” الذاريات:49.
فجميعُ خلق الله غير آدم وحواء وعيسى من ذكر وأنثى سواء كان هذا المخلوق إنسناً أو حيواناً أو حشرات أو نباتات فإنها كُلها مخلوقةٌ من ذكرٍ وأنثى، وبذلك تمت مراحل الخليفة الأربعة، خلق بدون ذكر وأنثى، وخلقٌ من ذكر وأنثى، وخلقٌ من أنثى دون ذكر، وخلق من ذكرٍ دون أنثى فجلّ جلالهُ أحسن الخالقين.
ولقد تمت إرادة الله بخلق آدم فكرمهُ أولاً بأن خلقه بيده، وكرمهُ ثانياً بأن نُفخ فيه من روحه وكرمهُ ثالثاً فعلمهُ الأسماء كلها، وكرمهُ رابعاً بأن أسجدَ له الملائكة، فهذه أربعُ مكرماتٍ تكرم الله بها على هذا المخلوق الجديد، كرمهُ به إظهاراً لشأنهِ وعلو مكانته وتشريفه، فكان خلقُ آدم بيده سبحانه وتعالى أولى المكرمات التي كرم الله بها الإنسان، وقد تحدث القرآن الكريم عن خلق الإنسان في أكثر من سبعين سورةً وتحدثت السنة كذلك بعشرات الأحاديث عن مراحل خلق آدم، فما هي هذه المراحل، ومن الذي جاء بالطين، وكم مكث آدم قبل نفخ الروح، والمكان والزمان الذي خلق فيه وما هي صفاته طوله وعرضه وهيأتهُ التي خلقهُ الله عليها.

مراحل خلق آدم عليه السلام:

لقد كان أساس خلق آدم من تراب، فهو مصدر نشأته وهو أول عنصر خُلق منه الإنسان، فقال تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ” الروم:20. وقال تعالى أيضاً: “واللهُ خَلقكم من ترابٍ ثم من نطفةٍ ثم جعلكم أزواجا” فاطر:11. وقال تعالى: “هو الذي خلقكم من ترابٍ ثم من نطفةٍ ثم من علقة ثم يُخرجكم طفلاً”. غافر:67. وقال “إنّ مثل عيسى عند الله كمثلِ آدم خلقهُ من تراب” آل عمران:59.
فالطين إذن كان مرحلة ثانية بعد التراب، ثم تدرج خلقه بعد الطين ليصور على هيئة إنسان ثم ترك الطين ليجف فإذا جف الطين ويبس أصبح له صوت كصوت الفخار إذا نقر باليد، وهذه المرحلة تسمى بالصِلصال، فالصِلصال هو الطين اليابس الذي يُخرج صوتاً إذا نقر فيه وفي ذلك يقول رب العزة: “خلقَ الإنسان من صلصالٍ كالفخار” الرحمن:14. ويقول إني خالق بشراً من صلصال من حمأ مسنون” الحجر:28. وهي إشارة إلى أن الصلصال يبس بعد أن كان طيناً لازباً بعدها تخمر وأصبح حمأً مسنوناً أي متنٍ متغير الرائحة، فلما يبس أصبح صلصالاً وسُمع صوته، هذه هي المراحل التي مر بها آدم قبل نفخ الروح فيه، فإكرامُ الله لآدم جاء في خلقه بيده سبحانه وتعالى الذي يقول للشيء كن فيكون قال تعالى: “قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي استكبرتُ أم كنت من العالين”.

وقد جاءت عشرات الأحاديث تؤكد هذه الحقيقة منها على سبيل المثال ما ورد من طريق أنس وأبي هريرة من حديث الشفاعة يوم القيامة، عندما يضيق الناس فيبحثونُ عن شفيع يشفع لهم عند ربهم، فينطلقون إلى آدم، “فيقولون يا آدم خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، وأسكنك فسيح جناته” صحيح البخاري.
وروى الترمذي وأبو داود في سننيهما وأحمد في مسنده عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلّى عليه وسلم: “إنّ الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب” قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.

من الذي جاء بالطين؟

واختلف العلماء من الذي جاء بالطين الذي خلق منه الإنسان على أقوال:

  • قالوا: إنّ إبليس هو الذي جاء بالطين وهذا القول لابن عباس وابن مسعود وعللوا ذلك بأن إبليس قال اسجدُ لمن خلقتُ طينا ومعناه أن جئت به فكيف أسجد له.
  • قالوا: إنّ ملك الموت هو الذي جاء بالطين مستدلين بالرواية التي رواها السدي عن أشياخه قال “لما أراد الله أن يخلق آدم بعث جبريل إلى الأرض ليأتيه بطينٍ منها، فقالت الأرض: إني أعوذ بالله منك أن تنقص مني شيئاً وتشيننُي، فرجع ولم يأخذ وقال: يارب إنها عاذت بك فأعذتها فبعث بمكائيل فعاذت منه. فبعث ملك الموت فعاذت منه، فقال أنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره، فأخذ من وجه الأرض وخلط فلم يأخذ من مكان واحد، وأخذ من تربة حمراء وبيضاء وسوداء فلذلك خرج بنو آدم مختلفين”.
  • قالوا إن الله أمر الأرض فرفعت فخلق آدم من طين لازب، أي أن الله عزّ وجل هو الذي جاء بالطين وهو الذي خلقه بيده وذلك إكراماً له. وقد اعترض كثير من الباحثين على هذه الروايات واعتبروها روايات إسرائيلية دخيلة على الإسلام جاءت إلينا ممن أسلم من أهل الكتاب.

شارك المقالة: